هو قال: ينكر عليه، وهل ننكر عليه؟ نعم، ننكر عليه، ولذلك قال السيوطي: هذا الشطر من أمراضها التي لا دواء لها، يعني: بعض الأمور التي يمكن أن يكون فيها نوع زلل أو خلل يعتذر له، وأما هذا لا يوجد، ما في طريقة .. لأنه هو بنفسه، يعني: نحاربه أو نرد قوله بقوله، وهذا من أعظم الردود: أنه ينص على شيء في موضع، ويرى أنه منكر باتفاق النحاة، يعني: ينقل اتفاق، ثم هو يستعمله، هذه مصيبة، فقوله:
وَكِلْمَةٌ بِهَا كَلاَمٌ قَدْ يُؤَمْ:
نقول: هذا ينكر عليه، لماذا؟ لأن هذا المصطلح غير مستعمل عند النحاة، والكلمة إذا أطلقت عند النحاة لها معنىً خاص .. حقيقة عرفية، كالعام عند الأصوليين والمطلق والمقيد والناسخ والمنسوخ لها معان خاصة إذا أطلق اللفظ انصرف إليه، وهذا مثلها، إذاً: إطلاق هذا اللفظ بهذا المعنى الجمل المفيدة في كتب النحاة منكر، فإذا فعله فاعل حينئذٍ نقول: قد أخطأ، وإن كان هو الأصل في استعمال لغة العرب، وهو الحقيقة، واستعماله في القول المفرد، إن قلنا: حقيقة عرفية لا إشكال، بل لو عبر بعضهم بمجاز كما هم يقولون، نقول: هو الأصل، لماذا؟
لأنهم يقولون: استعمال لفظ الكلمة في الجمل المفيدة مجاز .. مجاز مرسل، علاقته الجزئية والكلية، يعني: أطلق الجزء مراداً به الكل: ((يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ)) البقرة:١٩ أصابعهم! كل الأصبع أم الأنامل؟ الأنامل جزء من الأصبع، فأطلق الكل مراداً به الجزء، هنا العكس: أطلق الجزء مراداً به الكل، فإذا قيل:
ألا كل شيء ما خلا الله باطل ... كلمة، نقول: ألا: كلمة .. كل: كلمة .. شيء: كلمة .. خلا: كلمة .. لفظ الجلالة: كلمة، كلمات، فأطلق .. أخذ هذا الجزء أطلق على الكل، إذاً: هو حقيقة أو مجاز؟ عندهم .. عند النحاة يعتبر مجازاً، مجازاً مهملاً .. مجازاً مرسلاً .. مهملاً علاقته الجزئية والكلية، وقد ذكره هنا في الألفية، فقد قيل: إنه من أمراضها التي لا دواء لها.
والكلمة اصطلاحاً عند النحاة: قول مفرد، أو اللفظ الدال على معنىً مفرد، هذا أو ذاك، والمشهور كما قال ابن هشام وغيره: قول مفرد، القول: هو اللفظ الدال على معنىً، ويشمل المفرد والمركب؛ لأن القول هذا خاص بالمستعمل، سبق معنا أن اللفظ: مهمل ومستعمل، والمستعمل هو الذي يسمى قولاً، ما العلاقة بين القول واللفظ؟ أيهما أعم؟ اللفظ أعم؛ لأنه يشمل المهمل والمستعمل، مدلوله شيئان، والقول مدلوله شيء واحد.
فكل قول لفظ ولا عكس، لماذا؟ لأن اللفظ أعم، والقول خاص بالمستعمل، قول، قلنا: يشمل المفرد ويشمل المركب؛ لأن المستعمل قسمان: مفرد كزيد، ومركب كقام زيد، الكلمة: قول مفرد، مفرد أخرج المركب، ما المراد بالمفرد؟ ما لا يدل جزؤه على جزء معناه، هذا مشهور في كتب النحاة وهو غلط.
المفرد: ما دل جزؤه على جزء معناه، عفواً! العكس: ما لا يدل جزؤه على جزء معناه، زيد، ما معناه؟ ذات مشخصة، زه: جزء من زيد، هل دل على شيء مما دل عليه زيد؟ لا، إذاً: هذا ماذا نسميه؟ نسميه مفرداً، هذا عند المناطقة، وتبعهم كثير من النحاة، وهذا من تداخل الاصطلاحات، من خلط اصطلاح باصطلاح، وسيأتي ما الذي ينبني عليه.