وقوله: {اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (٢٧)}؛ أي: اتَّبعتُ محمدًا في الدنيا، واتَّخذت معه سبيلًا إلى الهدى، {يَاوَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (٢٨)} يعني: أُبَيَّ بنَ خَلَفٍ الجُمَحِيَّ، وكان عُقْبةُ وأُبَيٌّ مُتَخالِلَيْنِ، فأَسلَمَ عُقْبةُ، فقال أُبَيُّ ابن خلف: وَجْهِي مِنْ وَجْهِكَ حَرالم إن تابَعْتَ محمدًا، فكَفَرَ وارْتَدَّ، وأَرْضَى خليلَه، فأنزل اللَّه تعالى هذه الآية (١).
وأُنْشِدَ في المعنى لأبِي وائلٍ عبد الرحمن بن الحسن:
٥٤ - تَجَنَّبْ قَرِينَ السُّوءِ واصْرِمْ حِبالَه... فَإِنْ لمْ تَجِدْ عَنْهُ مَحِيصًا فدارِه
وأَحْبِبْ حَبِيبَ الصِّدْقِ واحْذَرْ مِراءَهُ... تَنَلْ مِنْهُ صَفْوَ الوُدِّ ما لمْ تُمارِهِ
وفِي الشَّيْبِ ما يَنْهَى الحَلِيمَ عنِ الصِّبا... إذا اشْتَعَلَتْ نِيرانُهُ في عِذارِهِ (٢)
وأنشَد أبو بكرِ بن عبد اللَّه الحامِدي:
٥٥ - اصْحَبْ خِيارَ النّاسِ حَيْثُ لَقِيتَهُمْ... خَيْرُ الصَّحابةِ مَنْ يكُونُ عَفِيفا
والنّاسُ مِثْلُ دَراهِمٍ مَيَّزْتَها... فوَجَدْتَ فِيها فِضّةً وزُيُوفا (٣)
(١) ينظر: عين المعاني ورقة ٩٢/ أ.
(٢) الأبيات من بحر الطويل، لصالح بن عبد القدوس.
اللغة: اصْرِمْ حِبالَهُ: اقطعها، المحيص: المهرب، دارَى الرجلَ: لايَنَهُ ورَفَقَ به وأَحْسَنَ صحبته، والمُداراة: الملاينة، المِراءُ: الجَدَلُ، عِذارُ الرَّجُلِ: شَعَرُهُ النّابِتُ فِي مَوْضِعِ العِذارِ، والعِذارانِ: جانِبا اللِّحْيةِ.
التخريج: روضة العقلاء ونزهة الفضلاء ص ٧٢، العقد الفريد ٢/ ٣٣٨، الكشف والبيان ٧/ ١٣١، عين المعاني ورقة ٩٢/ أ، تفسير القرطبي ١٣/ ٢٦، التذكرة الحمدونية ٤/ ٣٧٠.
(٣) البيتان من بحر الكامل، لم أقف على قائلهما.
اللغة: الزُّيُوفُ: جمع زيفُ: وهو مِنْ وَصْفِ الدراهم، يقال: زافَتْ عليه دراهمُهُ؛ أي: صارت مردودة لغشٍّ فيها. =