وفي المزمور ٦٨ / ٥: (أبو اليتامى وقاضي الأرامل الله) .
فوجب المصير إلى المعنى المجازي في كل الفقرات السابقة، ولا أحد من أهل الكتاب يقول بأن الإطلاقات المذكورة تفهم على حقيقتها، فكما لا يجوز اعتقاد ألوهية آدم وأولاده ويعقوب وأفرام وداود وسليمان وجميع بني إسرائيل وجميع اليتامى، فكذلك لا يجوز اعتقاد ألوهية المسيح بسبب إطلاق بعض الألفاظ التي لا يراد منها حقيقتها.
دليلهم الثاني: ما ورد أن المسيح من فوق وليس من هذا العالم، فقد ورد في إنجيل يوحنا ٨ قول المسيح: (فقال لهم أنتم من أسفل. أما أنا فمن فوق. أنتم من هذا العالم. أما أنا فلست من هذا العالم) .
فيظنون أن هذا القول يدل على أن المسيح إله نزل من عند الإله الآب الذي هو ليس من هذا العالم.
وهذا التأويل غير صحيح ومخالف للظاهر؛ لأن عيسى عليه السلام كان من هذا العالم حقيقة، ويرد على تأويلهم بوجهين:
الأول: أن هذا التأويل مخالف للبراهين العقلية وللنصوص الصريحة.
الثاني: أن عيسى عليه السلام قال مثل هذا القول في حق تلاميذه أيضا، ففي إنجيل يوحنا ١٥ / ١٩: (لو كنتم من العالم لكان العالم يحب خاصته ولكن لأنكم لستم من العالم بل أنا اخترتكم من العالم لذلك يبغضكم العالم) .
وفي إنجيل يوحنا ١٧ / ١٤ و١٦: (١٤) والعالم أبغضكم لأنهم ليسوا من العالم كما أني أنا لست من العالم (١٦) ليسوا من العالم كما أني أنا لست من العالم) .
ففي هذه الفقرات سوى المسيح عليه السلام بين نفسه وبين تلاميذه في