وأخرج البيهقى بسند جيد عن الوزاعي قال: كنا والتابعون متوافرون نقول: إن الله تعالى على عرشه، ونؤمن بما وردت به السنة من صفاته سبحانه.
ومن وجه آخر عن الأوزاعي قال في الجواب: هو كما وصف نفسه.
وأخرج الببيهقى عن طريق يحي قال: كنا عند مالك بن أنس رحمه الله تعالى فجاء رجل فقال: يا أبا عبد الله، الرحمن على العرش استوى، كيف استوى؟ قال: فأطرق مالك رأسه حتى علاه الرخصاء. ثم قال: الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة.
وأسند اللائكائي عن محمد بن الحسن الشيهاني قال: اتفق الفقهاء من المشرق إلى المغرب عن أن الإيمان بالقرآن وبالأحاديث التى جاء بها الثقات عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في صفة الرب سبحانه من غير تشبيه ولا تعطيل. قال الحافظ ابن حجر عليه الرحمة: والآثار عن السلف الصالح كثيرة، وهذه طريقة الشافعي وأحمد بن حنبل. ثم قال:
وقال إمام الحرمين في (الرسالة النظامية) : اختلف مسالك العلماء في هذه الظواهر، فرأى بعضهم تأويلها، والتزم ذلك في آى الكتاب وما يصح من السنة. وذهب أئمة السلف الصالح إلى الانكفاف عن التأويل، وإجراء الظواهر على مواردها وتقويض معانيها إلى الله عز وجل.
والذى نرتضيه رأياً وندين الله تعالى به عقيدة أتباع سلف الأمة للدليل القاطع أن إجماع الأمة حجة، فلو كان تأويل هذه الظواهر حتما لأوشك أن يكون اهتمامهم به فوق اهتمامهم بفروع الشريعة، وإذا انصرم عصر الصحابة والتابعين على الاضراب عن التأويل كان ذلك هو الوجه المتبع. أهـ.
قال الحافظ ابن حجر: وقد تقدم النقل عن أهل العصر الثالث وغيرهم، وهم فقهاء الأمصار كالثورى والأوزاعي ومالك والليث ومن عاصرهم، وكذا أخذ عنهم من الأئمة، فكيف لا يوثق بما أتفق عليه أهل القرون الثلاثة وهم خير القرون بشهادة صاحب الشريعة - صلى الله عليه وسلم -. أهـ.