Progress Donasi Kebutuhan Server — Your Donation Urgently Needed — هذا الموقع بحاجة ماسة إلى تبرعاتكم
Rp 1.500.000 dari target Rp 10.000.000
يَكُن هَذَا السُّؤَالُ يَرِدُ عَلَيَّ (١)؛ فَإِنَّهُ لَمْ يَكُن شَيءٌ مِمَّا نَاظَرُونِي فِيهِ صِفَةَ الْوَجْهِ، وَلَا أُثْبِتُهَا، لَكِنْ طَلَبُوهَا مِن حَيْثُ الْجُمْلَةُ، وَكَلَامِي كَانَ مُقَيَّدًا كَمَا فِي الْأَجْوِبَةِ، فَلَمْ أَرَ إحْقَاقَهُم فِي هَذَا الْمَقَامِ؛ بَل قُلْت: هَذِهِ الْآيَةُ لَيْسَتْ مِن آيَاتِ الصِّفَاتِ أَصْلًا، وَلَا تَنْدَرجُ فِي عُمُومِ قَوْلِ مَن يَقُولُ: لَا تُؤَوَّلُ آيَاتُ الصِّفَاتِ.
قَالَ: أَلَيْسَ فِيهَا ذِكْر الْوَجْهِ؟
فَلَمَّا قُلْت: الْمُرَادُ بِهَا قِبْلَةُ اللهِ؟
قَالَ: أَلَيْسَتْ هَذِهِ مِن آيَاتِ الصِّفَاتِ؟
قُلْت: لَا، لَيْسَتْ مِن مَوَارِدِ النِّزَاع، فَإِنّي إنَّمَا أُسَلِّمُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْوَجْهِ - هُنَا- الْقِبْلَةُ؛ فَإِنَّ "الْوَجْهَ" هُوَ الْجِهَةُ فِي لغَةِ الْعَرَبِ، يُقَالٌ: قَصَدْت هَذَا الْوَجْهَ، وَسافَرْت إلَى هَذَا الْوَجْهِ؛ أَيْ: إلَى هَذِهِ الْجِهَةِ، وَهَذَا كَثِيرٌ مَشْهُورٌ؛ فَالْوَجْهُ هُوَ الْجِهَةُ، وَهُوَ الْوَجْهُ؛ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا} البقرة: ١٤٨؛ أَيْ: مُتَوَلِّيهَا، فَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا} كَقَوْلِهِ: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} كِلْتَا الْآيَتَيْنِ فِي الففْظِ وَالْمَعْنَى مُتَقَارِبَتَانِ، وَكِلَاهُمَا فِي شَأنِ الْقِبْلَةِ.
وَالْوَجْهُ وَالْجِهَة هُوَ الَّذِي ذُكِرَ فِي الْآيَتَيْنِ أَنَّا نُوَلِّيهِ: نَسْتَقْبِلُهُ.
وَالْمِثَالُ الثَّانِي: لَفْظَة الْأمْرِ؛ فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى لَمَّا أَخْبَرَ بِقَوْلِهِ: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٨٢)} يس: ٨٢، وَقَالَ: {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} الأعراف: ٥٤، وَاسْتَدَلَّ طَوَائِفُ مِن السَّلَفِ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ غيْرُ مَخْلُوقٍ؛ بَل هُوَ كَلَامُهُ وَصِفَةٌ مِن صِفَاتِهِ بِهَذ الْآيَةِ وَغَيْرِهَا: صَارَ كَثِيرٌ مِن النَّاسِ يَطْرُدُ ذَلِكَ فِي لَفْظِ الْأَمْرِ حَيْثُ وَرَدَ، فَيَجْعَلُهُ صِفَةً طَرْدًا لِلدَّلَالَةِ، ويجْعَلُ دَلَالَتَهُ عَلَى غَيْرِ الصِّفَةِ نَقْضًا لَهَا، وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ، فَبَيَّنْت فِي بَعْضِ رَسَائِلِي: أَنَّ الْأَمْرَ وَغَيْرَهُ مِنَ الصِّفَاتِ يُطْلَقُ عَلَى الصِّفَةِ تَارَةً، وَعَلَى مُتَعَلَّقِهَا أُخْرَى، فَالرَّحْمَةُ
(١) أي: أنّ اعتراضه عليّ بهذا السؤال غلط ليس في محلّه.