أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الشحامي ، أنا أَبُو بكر البيهقي ، أنا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ ، وأَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ ، قَالا : أنا أَبُو مُحَمَّدٍ يَحْيَى بْنُ مَنْصُورٍ الْقَاضِي ، نا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ رَجَاءَ بْنِ السِّنْدِيِّ ، نا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ أَبُو زَكَرِيَّا بَغْدَادِيٌّ ، نا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ ، قَالَ : دَعَانِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ إِلَى طَعَامٍ لَهُ ، فَأَتَيْتُهُ ، فَجَلَسَ هَكَذَا ، وَوَضَعَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى تَحْتَ إِلْيَتِيهِ ، وَنَصَبَ رِجْلَهُ الْيُمْنَى ، وَوَضَعَ مِرَفَقَ يَدِهِ عَلَيْهَا ، قَالَ : ثُمَّ قَالَ لِي : يَا أَبَا مُحَمَّدٍ تَعْرِفُ هَذِهِ الْجِلْسَةَ ؟ قُلْتُ : لا ، قَالَ : هَذِهِ جِلْسَةُ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، كَانَ يَجْلِسُ جِلْسَةَ الْعَبِيدِ ، وَيَأْكُلُ أَكْلَ الْعَبِيدِ ، " خُذُوا بِسْمِ اللَّهِ " . قَالَ : فَلَمَّا أَكَلْتُ قُلْتُ لِرَفِيقِهِ : أَخْبَرَنِي عَنْ أَشَدِّ شَيْءٍ مَرَّ بِكَ مُنْذُ صَحِبْتَهُ ، قَالَ : نَعَمْ ، كُنَّا يَوْمًا صِيَامًا ، فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ لَمْ يَكُنْ لَنَا شَيْءٌ نَفْطَرُ بِهِ ، قَالَ : فَلَمَّا أَصْبَحْنَا ، قُلْتُ لَهُ : يَا أَبَا إِسْحَاقَ ، هَلْ لَكَ أَنْ نَأْتِيَ بَابَ الرَّسْتَنِ ، فَنُكْرِيَ أَنْفُسَنَا مَعَ هَؤُلاءِ الْحَصَّادِينَ ؟ قَالَ : قَالَ : فَأَتَيْنَا بَابَ الرَّسْتَنِ ، فَجَاءَ رَجُلٌ فَاكْتَرَانِي بِدِرْهَمٍ ، قَالَ : قُلْتُ : وَصَاحِبِي ؟ قَالَ : صَاحِبُكَ ، لا حَاجَةَ لِي فِي صَاحِبِكَ ، أَرَاهُ ضَعِيفًا ، قَالَ : فَمَا زِلْتُ بِهِ حَتَّى اكْتَرَاهُ بِأَرْبَعَةِ دَوَانِقَ ، قَالَ : فَحَصَدْنَا يَوْمَنَا ذَلِكَ ، فَأَخْذُتَ كِرَائِي ، فَأَتَيْتُ السُّوقَ ، فَاشْتَرَيْتُ حَاجَتِي ، وَتَصَدَّقْتُ بِالْبَاقِي ، فَهَيَّأْتُهُ وَقَرَّبْتُهُ إِلَيْهِ ، قَالَ : فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِ بَكَى ، فَقُلْتُ : مَا يُبْكِيكَ ؟ قَالَ : أَمَّا نَحْنُ قَدِ اسْتَوْفَيْنَا أُجُورَنَا ، فَلَيْتَ شِعْرِي أَوَفَّيْنَا صَاحِبَنَا أَمْ لا ؟ قَالَ : فَغَضِبْتُ ، قَالَ : مَا يُغْضِبُكَ ، أَتَضْمَنُ لِي أنا وَفِينَا صَاحِبُنَا أَمْ لا ؟ قَالَ : فَأَخَذْتُ الطَّعَامَ ، فَتَصَدَّقْتُ بِهِ ، فَهَذَا أَشَدُّ شَيْءٍ مَرَّ بِي مُذْ صَحِبْتُهُ .