امسحوا رؤوسَكُم بالماء، ونظيرُه قولُ الشاعرِ (1): البحر الكامل
ومَسَحْتِ بِاللِّثَتَيْنِ عَضْفَ الإثْمِدِ
يقولُ: إن لِثاتِك تضربُ إلى السُّمْرَةِ، فكأنكِ مَسَحْتِها بمسحوقِ الإثْمِدِ، فقلبَ مَعْمولَيْ مَسَحَ (2).
وذهبَ بعضُ من قالَ بالتقدير إلى أنَّ معناها التبعيضُ (3)، أي: من رُؤوسِكُم، وهو معنًى صحيحٌ شائعٌ في اللسانِ، قال به الكوفيون وبعضُ البَصْريين، قال عَنْتَرَةُ: البحر الكامل
شَرِبَتْ بِماءِ الدُّحْرُضَيْنِ فَأَصْبَحَتْ
... زَوْراءَ تَنفِرُ عنْ حِياض الدَّيْلَمِ (4)
أي: من ماءِ الدّحرضين.
وأجابَ الشافعيُّ عن احتجاجِه بقوله تعالى: {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ} المائدة: 6، فقال بِمَسْحِ الوجهِ في التَّيَمُّمِ بدلًا من غَسْلِه، فلا بدَّ أن يأتيَ بالمَسْحِ على جميعِ مواضِع الغَسْلِ منه، ومسحُ الرأسِ أصلٌ، فهذا فرقُ ما بينهما.
* ثم أمرهمُ اللهُ سبحانه بغسلِ الرِّجْلَيْنِ، أو مَسْحِهما، على اخْتِلافِ القراءتين.