. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .= مِنْ طَعَامٍ"، "صَاعاً" "مِثْلَ أَوْ مِثْلَى لَبَنِهَا قَمْحاً" "صَاعاً مِنْ تَمْرٍ لاَ سَمْرَاءَ" والسمراء هي القمح "صَاعاً مِنْ طَعَامٍ لاَ سَمْرَاءَ" واضطراب الحديث اضطراباً لهذا الاضطراب لسقطه عن درجة الحجية. المقام الثاني: مقام التسليم مع التأويل أي التسليم هنا بصحة الأحاديث، وكونها غير منسوخة، وتأويلها بما لا يتعارض مع مذهب الحنفية من نفيهم خيار التصرية. فيقول فيه صاحب المبسوط ما معناه -ولهذا كله يحمل الحديث على التأويل، وإن بعد فهو خير من الرد فيحمل على أن المشتري كان اشتراها على أنها غزيرة اللبن فكان شراءً فاسداً لفساد هذا الشرط، والمبيع في الشراء الفاسد يرد مع زوائده، ولكن اللبن كان قد فقد عند المشتري فدعاهما الرسول -صلى الله عليه وسلم- فصالحهما على أن يرد المشتري صاعاً من تمر، فكان اللبن، وكان صاع التمر قيمة اللبن في هذا الزمان، فظنه الراوي ضماناً عن اللبن علي وجه الإلزام في جميع العصور والأزمان س فرواه بهذه الصيغة العامة، ومثل هذا يقع كثيراً من بعض الرواة لغفلة أو قلة فهم. وقد أجاب الجمهور عن اعتراضات الحنفية بأجوبة إجمالية وأجوبة تفصيلية. أما أجوبتهم: الإجمالية فتتلخص في أن هذا الحديث حديث التصرية بجميع طرقه أصل برأسه يجب أتباعه والعمل بموجبه كسائر نصوص الكتاب والسنة لا فرق بين نص ونص، ومحاولة إخضاع نص صريح صحيح للقاس أو إبعاده بالكلية إذا كان يخالفه هذه المحاولة هي قلب للوضع، ومخالفة للأصول المتفق عليها بين الفقهاء من تقديم النصوص على الأقيسة، وأنه لا يصار إليها إلا بعد فقدان النصوص الصحيحة الثابتة، فكان اعتذاركم عن عدم العمل بالحديث لمخالفة الأصول هو عين الخروج على الأصول وكنتم كالمستجير من الرمضاء بالنار. وهذا خبر صحيح مشهور مستفيض صالح لتخصيص عمومات الكتاب والسنة، حتى عند الحنفية أنفسهم الذي يجوزون تخصيص العام بالمشهور. لأن الحديث -وإن كان آحاد الأصل على فرض قصره على أبي هريرة -رضي الله عنه- فالرواة له عن أبي هريرة كثير، والحديث قد استفاض في القرن الثاني والثالث وما بعدهما، فأصبح بمنزلة المتواتر المجمع على العمل به بله المشهور. لا سيما وقد كان يفتي به أبو هريرة نفسه، وابن مسعود شيخ الحنفية الأول، وإمام طريقتهم، ولا يعرف لهما مخالف من الصحابة. ومحاولة الطعن في الحديث يكون راوية أبي هريرة، وقد ظهر تساهله في الرواية في مسائل الفقه محتجين بمثل ما روي عن ابن عباس من رواة لبعض رواياته هي محاولة غير مجدية، وغير سديدة أيضاً. فلعل ابن عباس زاد روايته لما ثبت عنده مما يخالفها من روايات أخر يراها أرجح، وفي الوقت نفسه يعضدها القياس. وقد فعل مثل فعل ابن عباس مع أبي هريرة أميرُ المؤمنين عمر بن الخطاب، وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب مع غير أبي هريرة من أجلاء الصحابة، ولم نسمع عليهم مثل هذا الطعن الذي طعن به أبو هريرة -رضي الله عنه- ولو فرض أن ابن عباس رد رواية أبي هريرة بمحض الرأي والقياس فابن عباس محجوج بالحديث، وليس رأيه حجة على الحديث. وأبو هريرة قد كان عند ابن عباس نفسه بالمنزلة الرفيعة، والمحل الملحوظ، يفتي بحضرته، وابن عباس يثني عليه، فقد روي أن رجلاً من مزينة طلق امرأته ثلاثاً قبل أن يدخل بها، فأتى ابن عباس يسأله، وعنده أبو هريرة فقل ابن عباس إحدى المعضلات يا أبا هريرة، فقال أبو هريرة: واحدة تبينها =