Progress Donasi Kebutuhan Server — Your Donation Urgently Needed — هذا الموقع بحاجة ماسة إلى تبرعاتكم
Rp 1.500.000 dari target Rp 10.000.000
قلنا: هذا إظهارٌ منه الشَّفقة على الولد، والوالدان مأموران (١) بالشَّفقة على الأولاد، والشَّفقة عليهم لا تزيلُ حقَّ الحقِّ عن أسرارِهم؛ لأنَّ الشَّفقة قائمةٌ برحمة اللَّه تعالى، ورحمتُهُ صفتُه لا تبعدُه عن الحقِّ سرًّا وعلنًا؛ قال اللَّه تعالى لنبيِّه: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ} آل عمران: ١٥٩، وإلَّا كان باطنُه مصفًّى عن شوائب الشَّكِّ، ورواتب (٢) الميلِ إلى الأسباب، دليلُه قولُه تعالى: {وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ} يوسف: ٦٧ إخبارًا بأنَّ ما يخاطبُهم على قدرِ احتمالِ عقولِهم، على ما جرَتْ به العاداتُ فيما بينَ النَّاسِ استعمال الأسباب لإبلاءِ (٣) العُذْرِ وتسكينِ الخواطر (٤) مِن: لعلَّ وعسى.
وقال بعضُ الحكماء: قيل: البلاءُ موكَّلٌ بالمنطق، فكانَ بلاءُ يعقوبَ مِن ذلك، قال: {إِنِّي لَيَحْزُنُنِي} فحزِنَ، وقال: {وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ} فقالوا: {فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ}، وقال: {وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ} فجعلوا ذلك عذرًا لأنفسهم فقالوا: {وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا}، وكان يجتهدُ بذكر هذه الكلمات في حفظ الولدِ وحثِّ الإخوة على ذلك، فتكلَّم بما صار تلقينًا لهم ماذا يفعلون، فقد كانوا لا يدرون ماذا يصنعون به، وماذا يقولون له، فتلقَّنوا مِن كلماتِه عذرَهم، وتعلَّموا بإشارته عذرَهم (٥).
وعن ابن عبَّاسٍ رضي اللَّه عنهما أنَّه قال: لمَّا قال يعقوب: {وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ} قالوا: ما سمِعْنا بذئبٍ أكلَ إنسانًا، فمِن أينَ تقولُ هذا؟ قال: رأيْتُ منذُ ليالٍ
(١) في (ف): "والوالد مأمور".
(٢) في (ف): "وروائب".
(٣) في (ر): "لإيلاء".
(٤) في (أ): "الجواهر".
(٥) "وتعلموا بإشارته عذرهم" من (أ).