الشام، فأبى هو عليهم إلا العراق، وقال لهم: اتخذونا طريقا، فقدموا المدينة وهم أربعة آلاف، وقيل: ألفان، ثم فصلوا منها إلى العراق ممدين للمثنى، فقال عمر: لو ضممت إلى هؤلاء من الجبين من ابنى نزار، يعنى تميما وبكرا فوجه معهم قوما منهم، ثم تتابعت الأمداد.
وكان أول من نزل العذيب بالعيال من قبائل اليمن والحجاز الأزد ثم حضرموت وكندة ثم النخع ومراد ثم همدان ثم بجيلة، ثم جاءت قبائل الحجاز وأهل البوادى من تميم وبكر، وجاءت طيئ عليها عدى بن حاتم، وجاءت أسد، وجاءت قيس عليهم عبد الله بن المعتم العبسى، وجاءت الرباب وعلى تيم وعدى هلال بن علفة، وعلى ضبة المنذر بن حسان، وجاءت حنظلة وعمرو، وطوائف من سعد، وجاءت النمر بن قاسط عليهم أنس بن هلال بن عقة، وبعث عمر أيضا، عصمة بن عبد الله الضبى فيمن تبعه من بنى ضبة، وكان قد كتب إلى أهل الردة يأذن لهم فى الجهاد ويستنفرهم إليه، فلم يوافقه أحد منهم إلا رمى به المثنى.
وذكر المدائنى أن يزدجرد وجه مهران بعد وقعة الجسر وأمره أن يبث المسالح إلى أدانى أرض العرب، ويقتل كل عربى قدر عليه.
وفيما ذكره الطبرى عن سيف أن رستم والفيرزان هما اللذان رأيا إنفاذ مهران بعد أن طالعا برأيهما فى ذلك بوران ابنة كسرى، وذلك عند ما علما بتوافى أمداد العرب إلى المثنى، فخرج مهران فى الخيول وجاء يريد الحيرة، وبلغ المثنى الخبر وهو معسكر بمرج السباخ، ما بين القادسية وخفان، فاستبطن فرات بادقلى، وأرسل إلى جرير ومن معه: أنه جاءنا أمر لن نستطيع معه المقام حتى تقدموا علينا، فعجلوا اللحاق بنا، وموعدكم البويب.
وكتب إلى عصمة وإلى كل قائد أظله بمثل ذلك، وقال: خذوا على الجوف، فسلكوا القادسية وسلك المثنى وسط السواد، فطلع على النهرين ثم على الخورنق، وطلع عصمة ومن سلك معه طريقه على النجف، وطلع جرير ومن سلك معه على الجوف، فانتهوا إلى المثنى وهو البويب، ومهران من وراء الفرات بإزائه، فاجتمع عسكر المسلمين على البويب مما يلى موضع الكوفة اليوم، وعليهم المثنى، وهم بإزاء مهران وعسكره، فقال المثنى لرجل من أهل السواد: ما يقال لهذه الرقعة التى فيها مهران وعسكره؟ فقال:
بسوسا، فقال: أكدى مهران وهلك، ونزل منزلا هو البسوس، وأقام بمكانه حتى كاتبه