Progress Donasi Kebutuhan Server — Your Donation Urgently Needed — هذا الموقع بحاجة ماسة إلى تبرعاتكم
Rp 1.500.000 dari target Rp 10.000.000
والإبادة النازية لبعض القطاعات البشرية في أوربا ليست سوى تطبيق متبلور لتلك الرؤية المعرفية العلمانية الإمبريالية، ولكن في الغرب نفسه بدلاً من آسيا أو أفريقيا أو الأمريكتين.
ولا تزال الرؤية المعرفية العلمانية الإمبريالية هي المسيطرة على الإنسان الغربي ذاته حتى في علاقته مع نفسه ومع أعضاء المجتمع الغربي، ذلك لأن كل شيء يخضع للواحدية المادية. فهو حينما يبني بيتاً، يُخضعه تماماً لعملية الترشيد الواحدية حيث يبنيه بهدف الاتجار فيه وتحقيق الربح ثم يتركه بعد بضع سنين وكأن المنزل والسلعة لا فرق بينهما. وهو حين يدخل علاقة مع أنثى، لا يبحث عادةً عن الطمأنينة وإنما يحاول تعظيم اللذة، وتتحول العلاقة العاطفية إلى علاقة غزو (وهو ما عبرنا عنه بأن الحضارة الغربية حضارة يتراجع فيها الخطاب الجواني للمحبين، خطاب التآلف والتراحم، ليحل محله الخطاب الإمبريالي البراني، خطاب الغزو والتناحر) . وهو إنسان بسيط ذو بُعد واحد دائم التنقل والترحال لتحقيق الربح وتحسين المعيشة، فهو مادة استعمالية جيدة مرنة مطاطة، شيء بين الأشياء. وحينما يصل هذا الإنسان الغربي إلى سن يصبح فيه غير منتج، فإنه يقبل أن يُنقَل طواعية إلى بيت المسنين غير المنتجين لينتظر (كمادة بشرية مرنة) الموت في بيوت مكيفة الهواء بعيداً عن المجتمع المُنتج وبعيداً عن الحياة. بل إن ما يُسمَّى «حضارة الفوارغ» (ديسبوزابل disposable) هي حضارة إمبريالية توظيفية تستهلك كل شيء وتوظف كل شيء وتبدد كل شيء (الطاقة ـ المواد الخام ـ الأغاني ـ جسد الأنثى ـ طبقة الأوزون) . كما أن الاتجاه التدريجي نحو فرض النموذج الآلي على سائر أشكال الحياة في الغرب، وهو مصدر شكوى كل المفكرين الغربيين، إن هو إلا تعبير عن إبستمولوجيا الغزو والتحكم والترشيد العلماني الإمبريالي وتَزايُد رقعتها في مجالات الحياة.