ووصاياه لقواده العسكريين، تدور فى نطاقها.
فيحتم الإسلام على المسلمين الاعتناء بجرحى أعدائهم ومداواتهم
وإطعامهم (٤)، ويحرم الإجهاز عليهم أو إيذاؤهم بأى شكل من
أشكال الإيذاء.
كما يفرض على المسلمين تجنيب المدنيين شرور الحرب وأخطارها،
فالأطفال وكبار السن، والنساء والمرضى، بل الفلاحون فى حرثهم
والرهبان فى معابدهم، كل أولئك معصومون بحصانة الشريعة من
أخطار الحرب.
والإسلام لا يحرص على سلامة أرواح غير المقاتلين من الأعداء
فحسب، بل يوصى المسلمين المقاتلين بعدم التعرض للأهداف المدنية،
وينهاهم عن التدمير؛ لأن الإسلام إنما جاء ليبنى الحياة ويعمرها، لا
ليدمرها ويهدمها.
وكان الرسول - صلى الله عليه وسلم - نفسه المثل الأعلى فى الالتزام
بهذه المبادئ والآداب فى ميادين القتال، فروى «أبو ثعلبة
الخشنى» رضى الله عنه:
«إن ناسًا من اليهود يوم خيبر جاءوا إلى رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - بعد تمام العهود، فقالوا: إن حظائر لنا وقع فيها أصحابك،
فأخذوا منها بقلا وثومًا، فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
«عبد الرحمن بن عوف» - رضى الله عنه - فنادى فى الناس: إن رسول
الله يقول لكم: لا أحل لكم شيئًا من أموال المعاهدين إلا بحق».
غزوات الرسول - صلى الله عليه وسلم -:
لم يكن أمام النبى - صلى الله عليه وسلم - بد من اللجوء إلى القوة
العسكرية إزاء الغطرسة القرشية واضطهاد المسلمين، وإخراجهم من
ديارهم قسرًا، وملاحقتهم بالأذى وهم فى مهاجرهم فى «المدينة»،
بالإضافة إلى مؤامرات اليهود وغدرهم وخياناتهم.
من أجل ذلك كله أعد الرسول - صلى الله عليه وسلم - جيشًا قويا من
المجاهدين فى سبيل الله، وقاد بنفسه سبعًا وعشرين غزوة، قاتل
فى تسع منها، هى: «بدر»، و «أحد»، و «الأحزاب»، و «بنو قريظة»،
و «بنو المصطلق»، و «خيبر»، و «فتح مكة»، و «حنين»، و «الطائف»،
وأناب بعض أصحابه فى قيادة سبع وأربعين حملة عسكرية.