وَالْأَقْسَامُ أَرْبَعَةٌ: فَإِنَّهُ لَا يَخْلُو:
أ - إمَّا أَنْ يُحْتَاجُ إلَيْهَا مِن غَيْرِ مَحْظُورٍ.
ب - أَو لَا يُحْتَاجُ إلَيْهَا وَلَا مَحْظُورَ.
ج - أَو يُحْتَاجُ إلَيْهَا مَعَ الْمَحْظورِ.
د - أَو يَكُونُ هُنَاكَ مَحْظُورٌ مِن غَيْرِ حَاجَةٍ.
فَأَمَّا الْأوَّلُ: فَلَا ريبَ فِي الْجَوَازِ.
فَإِنَّ نَظَافَةَ الْبَدَنِ مِن الْأَوْسَاخِ مُسْتَحَبَّةٌ؛ كَمَا رَوَى التِّرْمِذِيُّ (١) عَن النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ: "إنَّ اللهَ نَظِيفٌ يُحِبُّ النَّظَافَةَ".
وَفِي "صَحِيحِ مُسْلِمٍ" (٢) عَن أَبِي هُرَيْرَةَ عَن النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ: "حَقّ للهِ عَلَى كُلِّ مُسْلِم أَنْ يَغْتَسِلَ فِي كُلِّ سَبْعَةِ أَيَّامٍ: يَغْسِلُ رَأْسَهُ وَجَسَدَهُ"، وَهَذَا فِي أَحَدِ قَوْلَيْ الْعُلَّمَاءِ هُوَ غُسْلٌ رَاتِبٌ مَسْنُونٌ لِلنَّظَافَةِ فِي كُلِّ أُسْبُوعٍ وَإِن لَمْ يَشْهَد الْجُمْعَةَ.
وَأَيْضًا: فَالْحَمَّامُ قَد يُحَلِّلُ عَنْهُ مِن الْأَبْخِرَةِ وَالْأَوْسَاخِ، ويُوجِبُ لَهُ مِن الرَّاحَةِ مَا يَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى مَا أُمِرَ بِهِ مِن الْوَاجِبَاتِ والمُسْتَحَبَّاتِ، وَدُخُولُهَا حِينَئِذٍ بِهَذِهِ النِّيَّةِ يَكُونُ مِن جِنْسِ الِاسْتِعَانَةِ بِسَائِرِ مَا يَسْتَرِيحُ بِهِ كَالْمَنَامِ وَالطَّعَامِ، كَمَا قَالَ مُعَاذٌ لِأَبِي مُوسَى: إنِّي أَنَامُ وَأَقُومُ وَأَحْتَسِبُ نُوَمَتِي كَمَا أَحْتَسِبُ قَوْمَتِي.
الْقِسْمُ الثَّانِي: إذَا خَلَتْ عَن مَحْظُورٍ (٣) فِي الْبِلَادِ الْبَارِدَةِ أَو الْحَارَّةِ، فَهُنَا لَا رَيْبَ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ بِنَاؤُهَا، وَقَد بُنِيَت الْحَمَّامَاتُ عَلَى عَهْدِ الصَّحَابَةِ فِي الْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ عَلَى عَهْدِ عَلِيٍّ وَغَيْرِهِ وَأَقَرُّوهَا.
الْقِسْمُ الثَّالِثُ: إذَا اشْتَمَلَتْ عَلَى الْحَاجَةِ وَالْمَحْظُورِ غَالِبًا؛ كَغَالِبِ
(١) (٢٧٩٩)، وقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ، وَخَالِدُ بْنُ إِلْيَاسَ يُضَعَّفُ.
(٢) (٨٤٩)، ورواه البخاري أيضًا (٨٩٧).
(٣) ولا حاجة إليها.