وَاسْتَدَلَّ الصَّحَابَةُ عَلَى إمْكَانِ كَوْنِ الْوَلَدِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا} الأحقاف: ١٥ مَعَ قَوْلِهِ: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ} البقرة: ٢٣٣، فَإِذَا كَانَ مُدَّةُ الرَّضَاعِ مِن الثَّلَاثِينَ حَوْلَيْنِ: يَكُونُ الْحَمْلُ سِتَّةَ أَشْهُرٍ، فَجَمَعَ فِي الْآيَةِ أَقَلَّ الْحَمْلِ وَتَمَامَ الرَّضَاعِ وَلَو لَمْ يَسْتَلْحِقْهُ، فَكَيْفَ إذَا اسْتَلْحَقَهُ وَأَقَرَّ بِهِ؟
بَل لَو اسْتَلْحَقَ مَجْهُولَ النَّسَبِ وَقَالَ إنَّهُ ابْنِي: لَحِقَهُ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ؛ إذَا كَانَ ذَلِكَ مُمْكِنًا وَلَمْ يَدَّعِ أَحَدٌ أَنَّهُ ابْنُهُ: كَانَ بَارًّا فِي يَمِينِهِ وَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ. ٣٤/ ١٠
٤٧٤٠ - إِنَّ الْمُسْلِمِينَ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ كُلَّ نِكَاحٍ اعْتَقَدَ الزَّوْجُ أَنَّهُ نِكَاحٌ سَائِغ إذَا وَطِئَ فِيهِ فَإِنَّهُ يَلْحَقُهُ فِيهِ وَلَدُهُ وَيَتَوَارَثَانِ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ النِّكَاحُ بَاطِلًا فِي نَفْسِ الْأمْرِ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ، سَوَاءٌ كَانَ النَّاكِحُ كَافِرًا أَو مُسْلِمًا.
وَالْيَهُودِيُّ إذَا تَزَوَّجَ بِنْتَ أَخِيهِ: كَانَ وَلَدُهُ مِنْهُ يَلْحَقُهُ نَسَبُهُ وَيَرِثُهُ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ النِّكَاحُ بَاطِلًا بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ.
فَإِنَّ ثُبُوتَ النَّسَبِ لَا يَفْتَقِرُ إلَى صِحَّةِ النِّكَاحِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ؛ بَل الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ" (١).
فَمَن طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا وَوَطِئَهَا يَعْتَقِدُ أَنَهُ لَمْ يَقَعْ بِهِ الطَّلَاقُ؛ إمَّا لِجَهْلِهِ وَإِمَّا لِفَتْوَى مُفْتٍ مُخْطِئٍ قَلَّدَهُ الزَّوْجُ وَإِمَّا لِغَيْرِ ذَلِكَ: فَإِنَّهُ يَلْحَقُهُ النَّسَبُ وَيَتَوَارَثَانِ بِالاِتِّفَاقِ؛ بَل وَلَا تُحْسَبُ الْعِدَّةُ إلَّا مِن حِينِ تَرَكَ وَطْأَهَا، فَإِنَّهُ كَانَ يَطَؤُهَا يَعْتَقِدُ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ، فَهِيَ فِرَاشٌ لَهُ فَلَا تَعْتَدُّ مِنْهُ حَتَّى تَتْرُكَ الْفِرَاشَ. ٣٤/ ١٣ - ١٤
(١) رواه البخاري (٢٠٥٣)، ومسلم (١٤٥٧).