فَلَمَّا كَانَ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- إنَّمَا يَنْصُرُهُ وَيُعِينُهُ أَقَارِبُهُ كَانُوا هُمُ الْعَاقِلَةَ؛ إذ لَمْ يَكُن عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- دِيوَانٌ وَلَا عَطَاءٌ، فَلَمَّا وَضَعَ عُمَرُ الدِّيوَانَ كَانَ مَعْلُومًا أَنَّ جُنْدَ كُلِّ مَدِينَةٍ يَنْصُرُ بَعْضهُ بَعْضًا، ويُعِينُ بَعْضُهُ بَعْضًا، وَإِن لَمْ يَكُونُوا أَقَارِبَ فَكَانُوا هُمُ الْعَاقِلَةَ.
وَهَذَا أَصَحُّ الْقَوْلَيْنِ، وَأَنَّهَا تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأحْوَالِ. ١٩/ ٢٥٥ - ٢٥٦
٤٨٤٤ - الْعَاقِلَةُ (١) إنَّمَا تَحْمِلُ الْخَطَأَ لَا تَحْمِلُ الْعَمْدَ بِلَا نِزَاع، وَفِي شِبْهِ الْعَمْدِ نِزَاعٌ، وَالْأظْهَرُ أَنَّهَا لَا تَحْمِلُهُ، وَالْخَطَأْ مِمَّا يُعْذَرُ فِيهِ الْإِنْسَانُ، فَإِيجَابُ الدِّيَةِ فِي مَالِهِ ضَرَرٌ عَظِيمٌ بِهِ مِن غَيْرِ ذَنْبٍ تَعَمَّدَهُ، وَلَا بُدَّ مِن إيجَابِ بَدَلِ الْمَقتُولِ.
فَالشَّارعُ أَوْجَبَ عَلَى مَن عَلَيْهِم مُوَالَاةُ الْقَاتِلِ وَنَصْرُهُ أَنْ يُعِينُوهُ عَلَى ذَلِكَ، فَكَانَ هَذَا كَإِيجَابِ النَّفَقَاتِ الَّتِي تَجِبُ لِلْقَرِيبِ، أَو تَجِبُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ، وَإِيجَابِ فِكَاكِ الْأَسِيرِ مِن بَلَدِ الْعَدُوِّ؛ فَإِنَّ هَذَا أَسِيرٌ بِالدِّيَةِ الَّتِي تَجِبُ عَلَيْهِ، وَهِيَ لَمْ تَجِبْ بِاخْتِيَارِ مُسْتَحِقِّهَا وَلَا بِاخْتِيَارِهِ كَالدُّيُونِ الَّتِي تَجِبُ بِالْقَرْضِ وَالْبَيْعِ، وَلَيْسَتْ أَيْضًا قَلِيلَةً فِي الْغَالِبِ كَإِبْدَالِ الْمُتْلَفَاتِ، فَإِنَّ إتْلَافَ مَالٍ كَثِيرٍ بِقَدْرِ الدِّيَةِ خَطَأً نَادِرٌ جِدًّا، بِخِلَافِ قَتْلِ النَّفْسِ خَطَأً فَمَا سَبَبُهُ الْعَمْدُ فِي نَفْسٍ أَو مَالٍ فَالْمُتْلِفُ ظَالِمٌ مُسْتَحِقٌّ فِيهِ لِلْعُقُوبَةِ، وَمَا سَبَبُهُ الْخَطَأُ فِي الْأَمْوَالِ فَقَلِيلٌ فِي الْعَادَةِ بِخِلَافِ الدِّيَةِ. ٢٠/ ٥٥٣
٤٨٤٥ - يتوجه أن يعقل ذوو الأرحام عند عدم العصبة إذا قدنا: تجب النفقة عليهم. المستدرك ٥/ ١٠١
٤٨٤٦ - المرتد يجب أن يَعقل عنه من يرثه من المسلمين، أو أهل الدين الذي انتقل إليه. المستدرك ٥/ ١٠١
(١) عاقلة الإنسان: عصبته، وهم الأقرباء من جهة الأب كالأعمام وبنيهم، والإخوة وبنيهم.