عائشةَ؛ أنَّها أَمْلَتْ عليه في مُصْحَفِها عندَ قولِه: {وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} أن يَكتُبَ: "صَلَاةِ العَصْرِ" (١).
وعِندَهُ مِن حديثِ شَقِيقِ بنِ عُقْبةَ، عن البَرَاءِ بنِ عازبٍ؛ قال: "نزَلَتْ: "حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَصَلَاةِ الْعَصْرِ"، فقرَأْناها على رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ما شاءَ اللهُ، ثمَّ نسَخَها اللهُ - عز وجل -، فأنزَلَ: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى}، فقال له زاهِرٌ - رجُلٌ كان مع شَقِيقٍ -: أفهِيَ العصرُ؟ قال: قد حدَّثْتُكَ كيفَ نزَلَتْ، وكيفَ نسَخَها اللهُ - عز وجل -" (٢).
وقد قال به عليٌّ وابنُ عبَّاسٍ وابنُ مسعودٍ وأُبَيٌّ وأبو هُرَيْرةَ وغيرُهم.
وأخَذَ به أبو حنيفةَ والشافعيُّ وأحمدُ، وصوَّبَهُ ابنُ جريرٍ في تفسيرِه (٣).
قال التِّرْمِذيُّ: "وهو قولُ أكثرِ العلماءِ مِن أصحابِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وغيرِهم" (٤).
وهو أرجحُ الأقوالِ؛ لصِحَّةِ الحديثِ، ولا مخالِفَ لعليِّ بنِ أبي طالبٍ مِن الخلفاءِ، وإذا صحَّ قولٌ عن خليفةٍ، ولم يخالِفْهُ مثلُهُ، فهو أقربُ إلى الصوابِ، ما لم يخالِفْهُ دليلٌ مرفوعٌ صحيحٌ.
وقال بأنَّها صلاةُ الصُّبْحِ: معاذٌ وابنُ عبَّاسٍ في القولِ الأصحِّ عنه، وقال به جابرٌ، وأخذَ به مالكٌ، وهو قولُ للشافعيِّ في الجديدِ.
لأنَّ صلاةَ الصُّبْحِ بين صَلاتَيْنِ نهاريَّتَيْنِ وليليَّتَيْنِ، وجعَلَ بعضُ السلفِ قولُهُ تعالى: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} قرينةً على كونِها الفَجْرَ؛ لأنَّ القنوتَ الدعاءُ، ويكونُ في صلاةِ الفجرِ، ويُروى هذا عن بعضِ السلفِ؛ كابنِ عَبَّاسٍ، وقال به بعضُ فقهاءِ المالكيَّةِ.
(١) أخرجه مسلم (٦٢٩) (١/ ٤٣٧).
(٢) أخرجه مسلم (٦٣٠) (١/ ٤٣٨).
(٣) "تفسير الطبري" (٤/ ٣٧٢).
(٤) "سنن الترمذي" (١/ ٣٤٢).