بما تلقى وتلقن، وروى وسمع ورأى، إذ كانت كذلك في المصحف العثماني المجمع على اتباعه، وأنا رأيتها فيه كذلك، مع أن قارئها لم يكن خاملاً، ولا غير متبع، ولا في طرف من الأطراف ليس عنده من ينكر عليه إذا خرج عن الصواب، فقد كان في مثل دمشق التي هي إذ ذاك دار الخلافة، وفيها الملك، والمأتي إليها من أقطار في زمن خليفة هو أعدل الخلفاء وأفضلهم بعد الصحابة الإمام عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه أحد المجتهدين المتبعين المقتدى بهم من الخلفاء الراشدين.
هذا الإمام القارئ، أعني ابن عامر مقلد في هذا الزمن الصالح قضاء دمشق ومشيختها وإمامة جامعها الأعظم الجامع الأموي أحد عجائب الدنيا والوفود به من أقطار الأرض، لمحل الخلافة ودار الإمارة.
هذا ودار الخلافة في الحقيقة حينئذ بعض هذا الجامع ليس بينهما سوى باب يخرج منه الخليفة.
ولقد بلغتا عن هذا الإمام أنه كان في حلقته أربعمائة عريف يقومون عنه بالقراءة، ولم يبلغنا عن أحد من السلف رضي الله عنهم على اختلاف مذاهبهم، وتباين لغاتهم، وشدة ورعهم أنه أنكر على ابن عامر شيئًا من قراءته، ولا طعن فيها، ولا أشار إليها بضعف.
وأول من نعلمه أنكر هذه القراءة وغيرها من القراءة الصحيحة، وركب هذا المحذور ابن جرير الطبري بعد الثلاثمائة، وقد عد ذلك من سقطات ابن جرير، حتى قال السخاوي: قال لنا شيخنا أبو القاسم الشاطبي: إياك وطعن ابن جرير على ابن عامر». وانظر غيث النفع: ٩٦ - ٩٩، الإتحاف: ٢١٧ - ٢١٨، والشاطبية: ٢٠١ - ٢٠٢
٢ - فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله ٤٧:١٤
في البحر ٤٣٩:٥: «وقرأت فرقة {مخلف وعده رسله} بنصب (وعده} وإضافة (مخلف) إلى رسله، ففصل بين المضاف والمضاف إليه بالمفعول، وهو كقراءة (قتل أولادهم شركائهم).
وفي معاني القرآن للفراء ٨١:٢ - ٨٢: «وليس قول من قال: (مخلف وعده