موضع آخر عن أحمد: لم يسمع الحكم من مقسم إلا أربعة أحاديث، وأما غير ذلك، فأخذها من كتاب. وقال مهنأ بن يحيى: قلت لأحمد: مَن أصحاب ابن عباس؟ قال: ستة، فذكرهم، قلت: فمقسم؟ ، قال: دون هؤلاء. وقال أيوب: كان يقرأ في المسجد في مصحف. وقال أبو حاتم: صالح الحديث، لا بأس به. وقال ابن سعد: أجمعوا على أنه تُوُفّي سنة إحدى ومائة.
وقال في "التقريب": صدوقٌ، وكان يرسل، من الرابعة. انتهى.
أخرج له الجماعة، سوى مسلم، وليس له في البخاريّ إلا حديث واحد.
(عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ) رضي الله تعالى عنهما (إِنَّ) بكسر الهمزة؛ لوقوعها في أول مقول القول (النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، صَلَّى عَلَيْهِمْ) أي على قتلى أحد (وَدَفَنَهُمْ) استدلّ بهذا شعبة على أن الحسن بن عمارة كذاب، حيث نسب إلى الحكم خلاف ما ثبت عنه.
مسألة: اختلاف أهل العلم في الصلاة على الشهيد:
قال الإمام الترمذي رحمه اللهُ تعالى: وقد اختلف أهل العلم في الصلاة على الشهيد، فقال بعضهم: لا يُصلّى على الشهيد، وهو قول أهل المدينة، وبه يقول الشافعي، وأحمد. وقال بعضهم: يصلّى على الشهيد، واحتجّوا بحديث النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أنه صلّى على حمزة، وهو قول الثوريّ، وأهل الكوفة، وبه يقول إسحاق. انتهى (١).
وقال الحافظ العراقيّ رحمه اللهُ تعالى: قد اختلف العلماء في هذه المسألة، فذهب مالك، والشافعيّ، وأحمد، وإسحاق، والجمهور إلى أنه لا يُصلّى عليهم. وذهب أبو حنيفة إلى الصلاة عليهم كغيرهم، وبه قال المزنيّ، وهو رواية عن أحمد، اختارها الخلّال، وحكاه ابن بطال عن الثوريّ، والأوزاعيّ، وعكرمة، ومكحول. انتهى (٢).
وقد وردت أحاديث تدلّ لما ذهب إليه الفريقان، قد استوفيت ذكرها في شرح النسائيّ، مع بيان ما لها، وما عليها، فراجعه تستفد.
وخلاصة ما توصّلت إليه هناك ترجيح القول بجواز الصلاة على الشهيد، وعدمه، وذلك لصحّة الأحاديث بالأمرين، فقد جاء في ثبوت الصلاة عليه صريحًا، ما أخرجه النسائيّ من حديث شدّاد بن الهاد -رضي الله عنه-، أن رجلًا من الأعراب جاء إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، فآمن به ... الحديث، وذكر استشهاده، ثم قال: "ثم كفنه النبيّ -صلى الله عليه وسلم- في جبة النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، ثم
(١) راجع "جامع الترمذيّ" ٤/ ١٢٧ - ١٢٨ بنسخة "تحفة الأحوذيّ".
(٢) "طرح التثريب" ٣/ ٢٩٤ - ٢٩٥.