اكتوى١، لِأَنَّهُ ظَنَّ أَنَّ اكْتِوَاءَهُ، وَإِفْزَاعَهُ الطَّبِيعَةَ بِالنَّارِ -وَهُوَ صَحِيحٌ- يَدْفَعُ عَنْهُ قَدَرَ اللَّهِ تَعَالَى.
وَلَوْ تَوَكَّلَ عَلَيْهِ، وَعَلِمَ أَنْ لَا مَنْجَى مِنْ قَضَائِهِ، لَمْ يَتَعَالَجْ -وَهُوَ صَحِيحٌ- وَلَمْ يَكْوِ مَوْضِعًا لَا عِلَّةَ بِهِ، لِيَبْرَأَ الْعَلِيلُ.
الْكَيُّ الْمُبَاحُ:
وَأَمَّا الْجِنْسُ الْآخَرُ فَكَيُّ الْجُرْحِ إِذَا نَغِلَ٢، وَإِذَا سَأَلَ دَمُهُ فَلَمْ يَنْقَطِعْ.
وَكَيُّ الْعُضْوِ إِذَا قُطِعَ، أَوْ حَسَمَهُ٣، وَكَيُّ عُرُوقِ مَنْ سَقَى بَطْنَهُ وبدنه.
قَالَ بن أَحْمَرَ يَذْكُرُ تَعَالُجَهُ حِينَ شُفِيَ٤:
شَرِبْتُ الشُّكَاعَى٥ وَالْتَدَدْتُ أَلِدَّةً٦ ... وَأَقْبَلْتُ أَفْوَاهَ الْعُرُوقِ الْمُكَاوِيَا٧
وَهَذَا هُوَ الْكَيُّ الَّذِي قَالَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ فِيهِ الشِّفَاءَ".
وَكَوَى أَسْعَدَ بْنَ زُرَارَةَ، لِعِلَّةٍ كَانَ يَجِدُهَا فِي عُنُقِهِ، وَلَيْسَ هَذَا بِمَنْزِلَةِ الْأَمْرِ الْأَوَّلِ.
١ رَوَاهُ أَحْمد: ٤/ ٢٥١ و٢٥٢ و٢٥٣.
٢ نغل الْجرْح: فسد -وَنِيَّته: ساءت -وَقَلبه عَليّ: ضغن. "الْقَامُوس ١٣٧٤".
٣ حسمه: قطعه، والعرق: قطعه ثمَّ كواه لِئَلَّا يسيل دَمه.
٤ وَفِي نسختين: سقِِي، وَهُوَ تَحْرِيف وَاضح، وَالصَّحِيح مَا أَثْبَتْنَاهُ.
٥ الشكاعي: بِضَم الشين وَفتحهَا: دق النَّبَات وَهُوَ نَافِع من الحميات العتيقة أَي البلغمية واللهاة الوارمة ووجع الْأَسْنَان، ثمَّ إِن هَذِه الْخَواص الْمَذْكُورَة لَيست فِيهَا وَإِنَّمَا هِيَ فِي بزرها فَهِيَ من نَبَات دَقِيق العيدان صَغِيرَة خضراء وَالنَّاس يتداوون قَدِيما بهَا.
٦ التد: ابتلع الدَّوَاء.
٧ المكاوي: جمع المكواة وَهِي مَا يكون بِهِ. أَي جعلت أَفْوَاه الْعُرُوق تلِي قبالة المكاوي.