وَلَا يُقَالُ لِمَنْ يُعَالَجُ عِنْدَ نُزُولِ الْعِلَّةِ بِهِ، لَمْ يَتَوَكَّلْ، فَقَدْ أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالتَّعَالُجِ، وَقَالَ: "لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءٌ" ١.
لَا عَلَى أَنَّ الدَّوَاءَ٢ شَافٍ لَا مَحَالَةَ، وَإِنَّمَا يُشْرَبُ عَلَى رَجَاءِ الْعَافِيَةِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى بِهِ، إِذْ كَانَ قَدْ جَعَلَ لِكُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا.
وَمِثْلُ هَذَا الرِّزْقِ، قَدْ تَضَمَّنَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِعِبَادِهِ، إِذْ يَقُولُ: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} ٣.
ثُمَّ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِطَلَبِهِ، وَبِالِاكْتِسَابِ، وَالِاحْتِرَافِ.
وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ} ٤.
وَمِثْلُهُ تَوَقِّي الْمَهَالِكِ، مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّ التَّوَقِّيَ لَا يَدْفَعُ مَا قَدَّرَهُ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ.
وَحِفْظُ الْمَالِ فِي الْخَزَائِنِ، وَبِالْأَقْفَالِ مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّهُ لَا ضَيْعَةَ عَلَى مَا حَفِظَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ، وَلَا حِفْظَ لِمَا أَتْلَفَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ مِمَّا يَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ لَا نَنْظُرَ فِيهِ إِلَى الْمَغِيبِ عَنَّا، وَيُسْتَعْمَلُ فِيهِ الْحَزْمُ، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اعْقِلْ وَتَوَكَّلْ " ٥.
وَقَالَ لِرَجُلٍ سَمِعَهُ يَقُولُ حَسْبِيَ اللَّهُ: "أَبْلَى عُذْرًا فَإِذَا أَعْجَزَكَ أَمْرٌ فَقل حسبي الله".
١ الحَدِيث صَحِيح رَوَاهُ مُسلم وَغَيره، وروى البُخَارِيّ مَعْنَاهُ، انْظُر صَحِيح الْجَامِع رقم ٥١٦٤ -الشَّيْخ مُحَمَّد بدير-.
٢ فِي نسختين: "لَا على الْإِيمَان بِأَن الدَّوَاء".
٣ الْآيَة: ٦ من سُورَة هود.
٤ الْآيَة: ٢٦٧ من سُورَة الْبَقَرَة، وجدناها خطأ بِلَفْظ "وكلوا من طَيّبَات ... ".
٥ رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ: قِيَامَة ٦٠ بِلَفْظ: " اغفلها وتوكل"، وَهُوَ حَدِيث حسن، وَانْظُر صَحِيح الْجَامِع رقم ١٠٦٨.