وقال قائلون: زين لهم أعمالهم التي يعملونها.
ثم اختلف في الذي زينها: قال الحسن: زين الشيطان أعمالهم لهم.
وقال غيره: زينها الأكابر على الأصاغر.
وقال قائلون: زينها اللَّه، ولكن ما أضيف إلى الشيطان من التزيين والإضلال إنما يضاف إلى ما يدعوهم ويحثهم على ذلك ويوحي إليهم، وما يضاف إلى الأكابر: القول والدعاء إلى ذلك، وما يضاف إلى اللَّه من: التزيين، والإضلال، والإزاغة، وغير ذلك يضاف للخلق، أي: خلق منهم: فعل الضلال، وفعل التزيين، وفعل الزيغ، يضاف إلى اللَّه خلقًا، وإلى الشيطان والأكابر: دعاء ووحيًا وإلقاء، على هذا يخرج جميع الإضافات، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا).
أي: جعل في كل قرية من أهل الكفر أكابر مجرميها، وعظماءها، كما جعل في قريتك أكابر مجرميها؛ يصبر رسوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - على ذلك ليعلم أنه ليس بمخصوص هو بهذا دون غيره من الأنبياء.
ثم اختلف في قوله: (جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا)، وقد ذكرنا أقاويلهم في قوله: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا)، ثم قوله: (جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا).
قالت المعتزلة: لم يجعل الأكابر فيها ليمكروا فيها؛ ولكن لما وسع الدنيا وبسطها عليهم مكروا فيها، وكذلك قالوا في قوله: (وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ) لا يجوز أن يخلقهم لجهنم؛ ولكن لما عملوا أعمال الكفر والضلال صاروا لجهنم.
وقالوا: هو على الإضمار؛ كأنه قال: كذلك جعلنا في كل قرية أكابر مجرميها لئلا