بالابتداء, {مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} الخبر متعلق بمعنى الاستقرار, و {ذَلِكَ} إشارة إلى ما تقدم مما أخبر به (١)، {علينا} متعلق بـ {فَضْلِ اللَّهِ} , {وَعَلَى النَّاسِ} , {النَّاسِ} عطف على النون والألف بإعادة الخافض, لأن المضمر لا يعطف عليه إلا بإعادة العامل (٢)،
{وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ} , {وَلَكِنَّ} توكيد ناصب لـ {أَكْثَرَ النَّاسِ} , و {لَا يَشْكُرُونَ} خبر لكنّ وقد تقدم القول في ياء النفس (٣) في تحريكها وإسكانها فمن أسكنها فلاستثقال الحركة فيها ومن حركها فعلى الأصل لأن لا يكون اسم على حرف واحد ساكناً واختار الفتحة لخفتها مع ثقل الياء (٤).
القولُ في المعنى والتفسيرِ:
المعنى-والله أعلم: فاستجاب الله ليوسف دعاءه فصرف عنه ما أرادت منه امرأة العزيز وصواحباتها من معصية الله, قال ابن اسحاق: أي "نجّاه من أن يركب المعصية منهنّ وقد نزل به بعض ما حذر
(١) ابن ملا، مرجع سابق، ٣/ ٤٠٦.درويش، مرجع سابق، ٢/ ٢٠٤.
(٢) وهذا على مذهب سيبويه والجمهور وأمَّا الكوفيون فاحتجوا بجواز العطف على الضمير المجرور دون إعادة العامل لوروده في القرآن ومنه قوله تعالى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَسَاءَلُونَ به وَالْأَرْحَامِ} سورة النساء، الآية: ١. بالخفض، وهي قراءة أحد القراء السبعة، وهو حمزة الزَّيَّات، وقراءة إبراهيم النخعي، وقتادة، ويحيى بن وثاب، وطلحة بن مصرف، والأعمش، ورواية الأصفهاني والحلبي عن عبد الوارث. ابن مجاهد، مرجع سابق، ص ٢٢٦. وإلى المسألة أشار محمد بن مالك -رحمه الله- في الألفية بقوله:
وَعَوْدُ خَافِضٍ لَدَى عَطْفٍ عَلَى ... ضَمِيرِ خَفْضٍ لاَزِمَاً قَدْ جُعِلاَ
وَلَيْسَ عِنْدِيْ لاَزِمَاً إِذْ قَدْ أَتَى ... فِيْ النَّظْمِ وَالنَّثْرِ الصَّحِيحِ مُثْبَتَا
النحاس، إعراب القرآن، مرجع سابق، ٤/ ٢٧٧. الأنصاري، إعراب القرآن العظيم، مرجع سابق، ١/ ٢٩٢.الزمخشري، الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل، مرجع سابق، ١/ ٤٤٣.درويش، مرجع سابق، ١/ ٣٦١.
(٣) يعني "ياء الإضافة" في مصطلح القراء وكما قال ابن مالك رحمه الله:
وقبلَ يا النفسُ مع الفعلِ التزمْ ... نونَ وقايةٍ وليسي قَدْ نُظِمْ.
(٤) النحاس، إعراب القرآن، مرجع سابق، ٤/ ٢٧٧. الأنصاري، إعراب القرآن العظيم، مرجع سابق، ١/ ٢٩٢.