منهن (١) {إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} أي: إن ربه هو {السَّمِيعُ} دعاء يوسف, ودعاء كل داع من خلقه, {الْعَلِيمُ} بمطلبه وحاجته وما يصلحه, وبحاجة خلقه وما يصلحهم (٢)، وقوله تعالى: {ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآَيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ} أي: {بَدَا لَهُمْ} للعزيز, وقد قيل: {بَدَا لَهُمْ} وهو واحد, لأنه لم يذكر باسمه ويقصد بعينه, وذلك نظير قوله: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ} (٣)، وقيل: إن قائل ذلك كان واحداً, ومعنى ثم بدا لهم في الرأي الذي كانوا رأوه من ترك يوسف مطلقا, ورأوا أن يسجنوه من بعد ما رأوا الآيات ببراءته مما قذفته به امرأة العزيز, وتلك الآيات كانت، قد القميص من دبر, وخمشا في الوجه وقطع أيديهن (٤)، وقولُهُ: {لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ} أي: إلى الوقت الذي يرون فيه رأيهم وجعل الله ذلك الحبس ليوسف عقوبة له من همه بالمرأة وكفارة لخطيئته, روي عن ابن عباس أنه قال: عثر يوسف ثلاث عثرات, حين هم بها, وحين قال اذكرني عند ربك فلبث في السجن بضع سنين, وأنساه الشيطان ذكر ربه, وقال لهم: {إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ} فقالوا: {إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ} , وذكر أن سبب حبسه في السجن كان شكوى امرأة العزيز إلى زوجها, أَمْرَهُ وَأَمْرَهَا (٥)
قال السدي: قالت المرأة لزوجها إن هذا العبد العبراني قد فضحني في الناس يعتذر إليهم ويخبرهم أني راودته عن نفسه, ولست أطيق أن أعتذر بعذري, فإما
(١) ابن جرير، مرجع سابق، ١٦/ ٩٠. ابن أبي حاتم، مرجع سابق، ٧/ ٢١٣٩.
(٢) ابن جرير، مرجع سابق، ١٣/ ١٤٧.
(٣) سورة آل عمران، الآية: (١٧٣).
(٤) ابن جرير، مرجع سابق، ١٦/ ٩١.
(٥) ابن جرير، مرجع سابق، ١٣/ ١٤٩.ابن أبي حاتم، مرجع سابق، ٧/ ٢١٤٠ ..