أن تأذن لي فأخرج وأعتذر, وإما أن تحبسه كما حبستني, فذلك قول الله عز وجل: {ثُمَّ بَدَا لَهُمْ} الآية وقيل: الحين معني به: سبع سنين: قاله عكرمة (١).
وقوله تعالى: {وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ} أي: دخل مع يوسف السجن فتيان, وفي الكلام حذف, والتقدير: {ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ} , فسجنوه فأدخلوه السجن ودخل معه فتيان, وكان الفتيان فيما ذُكر غلامين من غِلمان ملك مصر الأَكْبر، أحدهما صاحب شرابه, والآخر صاحب طعامه, قال ابن اسحاق (٢): كان اسم أحدهما مَجْلِثُ, والآخر نَبُو الذي كان على الشراب (٣)، قال قتادة: كان أحدهما خباز الملك على طعامه, والآخر ساقيه على شرابه (٤)، قال السدي: غضب على خبازه, بلغه أنه يريد أن يسَّمه فحبسه وحبس صاحب شرابه, ظن أنه مَالَأَهُ (٥) على ذلك, فحبسهما جميعا.
وقوله تعالى: {قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا} ذكر أن يوسف عليه السلام لما دخل السجن, قال لمَنْ فيه مِنَ الْمُحْبَسِينَ, لما سألوه عن علمه قال: إني أعبر الرؤيا (٦)، فقال أحد الفتيين الذين (٧) أدخلا معه السجن للآخر: تعال لنختبره أي: هلم فلنحدّث (٨) هذا العبد العبراني نترائى له, فسألاه
(١) ابن جرير، مرجع سابق، ١٦/ ٩٤. ابن أبي حاتم، مرجع سابق، ٧/ ٢١٢٩. البغوي، مرجع سابق، ٤/ ٢٣٩.
(٢) ابن جرير، مرجع سابق، ١٦/ ٩٥.ابن أبي حاتم، مرجع سابق، ٧/ ٢١٤٢.
(٣) ابن جرير، مرجع سابق، ١٣/ ١٥١، ابن أبي حاتم، المرجع السابق.
(٤) ابن أبي حاتم، مرجع سابق، ٧/ ٢١٤١. ابن أبي زمنين، مرجع سابق، ٢/ ٣٢٦.
(٥) تتابعوا برأيهم على أمر قد تَمالَؤُوا عليه. ابن الأعرابي: مَالَأَه إذا عاونه، ومَالَأَه إذا صَحِبَه أَشْباهُه. وفي حديث علي، والله ما قتلت عثمان، ولا مَالَاتُ على قتله. ابن منظور، مرجع سابق، ١/ ١٦٠. ابن جرير، المرجع السابق. ابن أبي حاتم، مرجع سابق، ٧/ ٢١٤٢، ٢١٤٣. الواحدي، مرجع سابق، ٢/ ٦١٣.
(٦) عبر الرؤيا يعبرها عَبْراً وعِبارةً وعبَّرها: فسرها وأخبر بما يؤول إليه أمرها. ابن منظور، مرجع سابق، ٤/ ٥٢٩.
(٧) في (د) "اللذين" ومعناهما واحد.
(٨) في (د) "فلنختبر" وهذا هو الصواب- والله أعلم.