وقيل (١): عليها خبز أرز وسمك مشوي (٢) ليس عليها قشور ولا لها شوكة، تسيل من الدسم، قد نضد حولها (٣) البقول ما خلا الكراث، وعند رأسها خلّ، وعند ذنبها ملح وسبعة أرغفة، على كل واحد زيتون وحب رمان، وكانت تأتيهم أربعين يوماً غبّاً، وكل فقير أكل منها صار غنياً مدة عيشه، وكل مريض أكل (٤) برأ فلم يمرض (٥) حتى مات، ثم أوحى الله إلى عيسى عليه الصلاة والسلام أن اجعل مائدتي في الفقراء واليتامى والزمنى دون الأغنياء والأصحاء، فاضطرب الناس لذلك، فمسخ منهم ثلاثة وثمانون رجلاً خنازير فأصبحوا يأكلون العذرات (٦).
وروي عن عمار بن ياسر رضي الله عنه: أن الله أمرهم أن لا يخونوا ولا يدَّخروا ففعلوا ذلك فمُسخوا قِردة وخنازير (٧).
وعن الحسن: أن الله تعالى لما قال: {إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ} اشترط (٨) بقوله: {فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ} الآية، فلما سمع القوم الشرط (٩) خافوا واستعفوا فلم تنزل (١٠).
وعن مجاهد أنه قال: لم تنزل مائدة، وإنما هذا مثل ضربه لمقترحي المعجزات (١١).
والقول الأول الصواب، لقوله سبحانه: {إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ} وهذا إخبار لا يحتمل الخلف، وليس في الآية ما يدل على الاستعفاء.
وقوله: {فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ (١١٥)}.
قيل: عالمي زمانهم وأمتهم.
وقيل: عام، وهو أن جعلوا قردة وخنازير ولم يجعل بغيرهم تلك (١٢).
وعن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما: أن أشد الناس عذاباً يوم القيامة المنافقون ومن كفر من أصحاب المائدة، وآل فرعون (١٣).
{وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَاعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ} أكثر المفسرين وجمهورهم على أن هذا السؤال يكون في القيامة ولم يقع بعد، وسياق الآية وسباقها يدلان عليه (١٤).
(١) في (جـ): (وقيل كان عليها).
(٢) حصل سقط في نسخة (ب) حيث كان النص فيها: ( ... مثلة وعقوبة عليها خبز وأرز وسمك مشوي ليس عليها ... ).
(٣) في (ب): (قد نضد عليها البقول)، وفي (جـ): (حولها من البقول).
(٤) سقطت كلمة (أكل) من (جـ).
(٥) في (أ): (فلم يمرض أبداً حتى مات).
(٦) قال الإمام الطبري ٩/ ١٣١: (وأما الصواب من القول فيما كان على المائدة، فأن يقال: كان ما عليها مأكولٌ، وجائز أن يكون كان سمكاً وخبزاً، وجائزٌ أن يكون كان ثمراً من ثمر الجنة، وغيرُ نافعٍ العلم به، ولا ضارٌّ الجهلُ به، إذا أقر تالي الآية بظاهر ما احتمله التنزيل).
(٧) أخرجه الترمذي (٣٠٦١)، والطبري ٩/ ١٢٨، وابن أبي حاتم ٤/ ١٢٤٥ (٧٠٢٢) وقال الترمذي بعد أن رواه مرفوعاً وموقوفاً: (هذا حديث غريب ... ولا نعرفه مرفوعاً إلا من حديث الحسن بن قزعة ... ولا نعلم للحديث المرفوع أصلاً).
(٨) في (ب): (فشرط).
(٩) في (ب): (فلما الشرط خافوا) ففي النسخة سقط كلمتين.
(١٠) أخرجه الطبري ٩/ ١٣٠، وابن أبي حاتم ٤/ ١٢٥٢ معلقاً دون إسناد، وزاد السيوطي نسبته في «الدر المنثور» ٥/ ٦٠٤ لعبد بن حميد وابن الأنباري.
(١١) أخرجه الطبري ٩/ ١٣٠، وابن أبي حاتم ٤/ ١٢٤٨ (٧٠٣٣).
(١٢) حصل سقط في نسخة (جـ) حيث انتقل نظر الناسخ من أثر عمار السابق إلى هنا بسبب وجود كلمتي (قردة وخنازير) في الموطنين، وجاء النص في (جـ) هكذا: (ففعلوا ذلك فمسخوا قردة وخنازير ولم يجعل لغيرهم تلك وعن عبدالله ... ). والجملة في (أ): (ولم نجعل بغيرهم تلك).
(١٣) أخرجه الطبري ٩/ ١٣٢، وزاد السيوطي نسبته في «الدر المنثور» ٥/ ٦٠٤ إلى: عبد بن حميد وأبي الشيخ.
(١٤) النص في (ب): ( ... إلى أن هذا السؤال يكون في القيامة ولم يكن بعد الآية وسياقها ... ).