{أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ} يعنى الأنبياء الذين (١) تقدم ذكرهم {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} أي: اقتد بهداهم.
يقول: قَدَا بِهِ قِدَهً وقُدْوَةً، واقتدى به: إذا تأسى به، والهاء للاستراحة (٢)، ومن أشبع الهاء جعلها كناية عن المصدر لا غير، أي: فبهداهم اقتد اقتداء.
{قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ} على تبليغ الرسالة (٣) والدعاء إلى التوحيد {أَجْرًا} جُعلاً ومنفعة يصل إلي من جهتكم {إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ (٩٠)} أي: لا غرض إلا تذكيركم (٤).
وقيل: ما محمد إلا عظة للعالمين.
وقيل: ما القرآن إلا عظة للجن والإنس.
{وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ} في سبب النزول عن ابن عباس رضي الله عنهما في رواية الوالبي: قالت اليهود: يا محمد: أنزل الله عليك كتابا، قال: (نعم)، قالوا: والله ما أنزل الله من السماء كتاباً، فأنزل الله: {قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ} (٥).
وقال سعيد بن جبير: جاء رجل من اليهود يقال له مالك ابن الضيف (٦) يخاصم النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال له النبي: (أَنْشُدُك بالذي أنزل على موسى التوراة أما (٧) تجد في التوراة أن الله يُبْغِضُ الحَبْرَ السمين) وكان حبراً سميناً، فغضب وقال: والله ما أنزل الله على بشر من شيء، فقال له أصحابه الذين معه: ويحك ولا على موسى،
(١) في (أ): (الذي) وهي مطموسة في (جـ) والمثبت من (ب).
(٢) هي هاء السكت، وهي هاء الوقف، وتكون هذه الهاء في ثلاثة مواضع، منها: أن تكون في الفعل المعتل الذي حذف آخره. ... =
«انظر: المعجم المفصل في النحو العربي» (ص ١١٣٩ - ١١٤١ - ١١٤٢).
(٣) في (ب): (من الدعاء).
(٤) في (ب): (إلا تذكير).
(٥) أخرجه الطبري ٩/ ٣٩٦، وابن أبي حاتم ٤/ ١٣٤١ - ١٣٤٢ (٧٥٩١ - ٧٥٩٥ - ٧٥٩٦) وذكره الواحدي (ص ٣٧٤) بدون إسناد.
(٦) ذكره ابن إسحاق فيما نقله عنه ابن كثير في «البداية والنهاية» ٥/ ٦ - ٧ وعدّه من أحبار اليهود الذين كانوا في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وفي بعض المصادر (ابن الصيف).
(٧) في (جـ): ( ... التوراة وما تجد في التوراة ... ).