{ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (١٣) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآَخِرِينَ (١٤)}: فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: أن سابقي سائر الأمم الذين آمنوا بأنبيائهم أكثرُ من سابقي أمة محمد؛ لكثرة الأنبياء، وهذا لا ينقض قولَه - صلى الله عليه وسلم -: ((إن أمتي يَكثُرون سائرَ الأمم)) (١)؛ لأنَّه - صلى الله عليه وسلم - قال: (أمتي)، ولم يقل سابقو أمتي.
والثَّاني: أن {ثُلَّةٌ} في معنى قليل من النَّاس؛ لأنَّ اشتقاقَه من الثَّل، وهو القطع". قاله الزجاج (٢).
والثالث: أن الثُّلةَ الشَّطر، وهو النَّصف. عن الضّحاك (٣).
أبو عبيد: "الثلّة: البقية " (٤).
وقيل: {ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (١٣) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآَخِرِينَ (١٤)}: كلاهما من أمَّة محمد - صلى الله عليه وسلم -، وقد جاء مرفوعاً أنَّه قال: ((كلتا الثلتين أمتي)) (٥).
وروى أيضاً أنَّه قال: ((أهل الجنَّة مائة وعشرون صفَّاً، ثمانون صفَّاً منهما أمّتي، ومنها الفائزون الأخيار)) (٦) (٧).
(١) لم أقف عليه بهذا اللفظ، وقد أورده البيضاوي في تفسيره (٢/ ٤٥٩)، والألوسي في روح المعاني (٢٠/ ٢٠٧)، قال المناوي في الفتح السَّماوي بتخريج أحاديث القاضي البيضاوي (٣/ ١٠٢٢) "لم أقف عليه ".
(٢) انظر: معاني القرآن (٥٨٧).
(٣) انظر: النُّكت والعيون (٥/ ٤٤٩).
(٤) انظر: مجاز القرآن (٢/ ٢٤٨).
(٥) أخرجه ابن جرير في جامع البيان (٢٧/ ١٩١) عن ابن عباس - رضي الله عنهما، ولفظه: " هما جميعا من أمتي "، وقد قال "من وجه عنه صحيح "، وأخرجه ابن عدي في الكامل (١/ ٣٨٧)، وقال: " وأبان بن أبي عياش له روايات غير ما ذكرت وعامة ما يرويه لا يتابع عليه وهو بيِّن الأمر في الضعف ".
(٦) أخرجه الترمذي في سننه (بنحوه) في كتاب صفة الجنة، باب: ما جاء في كم صف أهل الجنة، برقم (٢٥٤٦)، وأخرجه ابن ماجه في الزهد. باب: صفة أمة محمد - صلى الله عليه وسلم -، برقم (٤٢٨٩)، وأخرجه الإمام أحمد في مسنده (١/ ٤٥٣)، (٥/ ٣٤٧، ٣٥٥)، جميعهم عن سليمان بن بريدة عن أبيه، وصحَّحه الألباني في صحيح سنن الترمذي (٢/ ٣١٤).
(٧) انظر: النُّكت والعيون (٥/ ٤٤٩)، زاد المسير (٧/ ٣٢٤)، الجامع لأحكام القرآن (١٧/ ١٩٣).