وفي سبب النزول: أنَّه لمّا نزل: {ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (١٣) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآَخِرِينَ (١٤)}، بكى عمر - رضي الله عنه - وقال: يا نبيَّ الله، آمنَّا بك وصدّقناك ما ينجو منّا قليلٌ، فأنزل الله: {ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (٣٩) وَثُلَّةٌ مِنَ الْآَخِرِينَ (٤٠)}، فدعا عمر - رضي الله عنه -، وقال: يا ابنَ الخطاب قد أنزل الله كما قلتَ "، فجعل ثلّة من الأولين وثلّة من الآخرين (١).
قوله: عَلَى {سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ (١٥)}: مرمولةٍ بالذّهب، مشتبكةٍ بالدرِّ والياقوت، مضفورةٍ منسوجة السطوح، وذلك ألينُ للجالس عليها.
وقيل: {مَوْضُونَةٍ}: جُعل كلُّ سريرٍ بجنب سريرٍ (٢).
{مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ (١٦)}: أي: يتَّكئون على تلك السُّرر ويتوانسون بالتقابل حالةَ الزيارة.
{يَطُوفُ عَلَيْهِمْ}: يخدمُهم وينقلبُ إليهم.
{وِلْدَانٌ}: غِلمان، جمعُ وليدٍ، وخِدمةُ الغلمان أمتعُ من خدمة الكبار، وهم ولدانٌ أنشأهم اللهُ تعالى لخدمة أهل الجنة (٣).
الحسن: " هم الأطفال، لم يستوجبوا النارَ ولا الدرجات (٤)، مشتق من الولادة" (٥).
{مُخَلَّدُونَ (١٧)}: باقون لا يموتون، وقيل: يبقَون على غُلومتهم لا تتغير نضارتُهم.
(١) أخرجه الثعلبي في تفسيره (٩/ ٢١١) وأورده ابن كثير في تفسير القرآن العظيم (٤/ ٣٠٥)، وعزاه لابن عساكر من طريق عروة بن رويم عن جابر - رضي الله عنه -، وتعقبه بقوله: "ولكن في إسناده نظر "، أي لوجود عروة بن رويم، وانظر: أسباب النزول؛ للواحدي (ص: ٣٣٢)، لباب النقول (ص: ٢٨٦).
(٢) انظر: مجاز القرآن (٢/ ٢٤٨)، جامع البيان (٢٧/ ١٧٢)، النُّكت والعيون (٥/ ٤٥٠).
(٣) انظر: غريب القرآن؛ للسِّجِّستاني (ص: ٤٨٩)، إعراب القرآن؛ للنَّحَّاس (٤/ ٢١٨).
(٤) في (ب) " ولا الدركات "، والظاهر ما أثبت، والمعنى: لم يستوجبوا جنةً ولا ناراً، لا درجات الجنة، ولا دركات النار.
(٥) انظر: تفسير الثعلبي (٩/ ٢٠٤)، تفسير البغوي (٨/ ١٠).