وقيل: {لَكَاذِبُونَ}: بمعنى مكذِّبون (١) (٢). والله أعلم.
{اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ}: أي: حلفهم الكاذب.
{جُنَّةً}: وقايةً تقيهم (٣) الأذى، وسترةً يتستّرون بها من القتل (٤).
{فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ}: أعرضوا عن طاعة الله.
وقيل: صدّوا غيرَهم عن الإيمان بإلقاء الشبه.
وقيل: فصدوا اليهود، وكانوا يقولون لهم: نحن في الباطل معكم.
وقيل: {فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} أي: عن الأحكام التي تجب فيهم من القتل والسَّبي لولا ما أظهروه.
وقيل: تخلّفوا عن الجهاد، فاقتدى بهم غيرهم (٥).
{إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (٢)}: أي: بئس العملُ عملُهم حين أظهروا خلافَ ما أضمروا، وحلفوا عليه كاذبين.
وأفاد {كَانُوا} أنهم بهذه الصفة مذ كانوا.
{ذَلِكَ}: أي: ذلك الكذب.
{بِأَنَّهُمْ آَمَنُوا}: في الظاهر وبالقول (٦).
{ثُمَّ كَفَرُوا}: في السِّرِّ وبالقلب.
{فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ}: خُتم عليها حتى لا يدخلَها الإيمانُ جزاءً على نفاقهم.
وقيل: وُسمت بسمة الكفر.
{فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ (٣)}: لا يتدبَّرون.
وقيل: لا يعرفون صحةَ الإيمان كما يعرفه المؤمنون.
{وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ}: كان عبدُ الله بنُ أُبيّ حسنَ الجسم، حلوَ الكلام يُصغي النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إلى كلامه، وهو قوله: {وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ}.
{وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ}: أي: لقولهم: لا إله إلاّ الله (٧).
{كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ}: أي: هم في قلة تفهُّمهم وعدم عقلهم وتدبّرهم (٨) خُشبٌ منصوبةٌ.
وقيل: ممالةٌ إلى الجدار (٩)، فهم أشباحٌ بلا ألبابٍ.
وقيل: كأنَّهم خُشبٌ نَخِرةٌ متآكلّةٌ يُعجب الرائي ظواهرُها، وإذا وقف على بواطنها علم أنْ لا خيرَ فيها (١٠).
المبرد: {مُسَنَّدَةٌ}: "طوال، تقول: رجل مسنَّد، أي: طويل " (١١).
والخُشُبُ: بضمتين جمع خَشَبةٍ، كثَمَرَةٍ وثَمَرٍ، وبضمَّة واحدة كبَدَنَةٍ وبُدْنٍ.
وقيل: هو تخفيف كرُسْلٍ (١٢).
(١) في (ب) " بمعنى كذبوا ".
(٢) انظر: معاني القرآن؛ للفرَّاء (٣/ ١٥٨)، إعراب القرآن؛ للنَّحاس (٤/ ٢٨٤)، البحر المحيط (١٠/ ١٧٩).
(٣) في (أ) " يقيهم ".
(٤) انظر: النُّكت والعيون (٦/ ١٤)، تفسير السَّمعاني (٥/ ٤٤٠).
(٥) وكلُّ ذلك حصل منهم. انظر: النُّكت والعيون (٦/ ١٥)، الجامع لأحكام القرآن (١٨/ ١٢٠).
(٦) في (ب) " في الظاهر والقول ".
(٧) ولقولهم الحسن أيضاً انظر: جامع البيان (٢٨/ ١٠٧)، النُّكت والعيون (٦/ ١٥).
(٨) في (أ) " وتدبيرهم ".
(٩) " إلى الجدار " ساقطة من (أ).
(١٠) انظر: إعراب القرآن؛ للنَّحَّاس (٤/ ٢٨٥)، النُّكت والعيون (٦/ ١٥).
(١١) لم أقف عليه.
(١٢) وهما قراءتان، فقد قرأ ابن كثير في رواية قنبل وأبو عمرو والكسائي {خُشْبٌ} بإسكان الشِّين , وقرأ الباقون من السَّبعة {خُشُبٌ} بتحريك الشين. انظر: السَّبعة (ص: ٦٣٦)، معاني القراءات (ص: ٤٩١)، الحُجَّة (٦/ ٢٩١).