{تِلْكَ الْقُرَى} أي: قرى قوم نوح وعاد وثمود وقوم (١) لوط وقوم شعيب.
{نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَائِهَا} نخبرك أخبارها ونبين لك آثارها.
{وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ} بالمعجزات والدلالات والأمر والنهي.
{فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ} فيه أقوال:
أحدها: أن قوله: {مِنْ قَبْلُ} يعود إلى الرسل، تقديره: أن مجيء الرسل (٢) لم يسلب عنهم اسم الكفر والتكذيب بل بقوا كافرين مكذبين كما كانوا قبل الرسل.
والثاني: أن الفعل (٣) في قوله: {فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا} لقوم، والفعل في قوله:
{كَذَّبُوا} لقوم آخرين (٤)، أي: تواطئوا على تكذيب الرسل.
والثالث: لو أهلكناهم ثم أحييناهم لم يؤمنوا بما كذبوا من قبل الإهلاك، كقوله {وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ} الأنعام: ٢٨.
والرابع: أن الله علم منهم قبل خلقه إياهم أنهم يكفرون ويكذبون بتوحيد الله فلم يخالفوا معلوم الله فيهم.
والخامس: أن المراد من قوله {مِنْ قَبْلُ} يوم الميثاق، أي: أضمروا التكذيب يوم أقروا بالإيمان (٥).
{كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ} أي: كما وصفنا يطبع الله {عَلَى قُلُوبِ الْكَافِرِينَ (١٠١)}.
{وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ} أي: وفاء عهد، وهو ما عهد إليهم في الكتب، وقيل: عهد يوم الميثاق، وقيل: هو ما ركبه في العقول، وقيل: من عهد: من طاعة.
{وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ (١٠٢)} يريد وجدنا فأكده بإن ثم خفف (٦) وألزم بعده اللام، والكوفيون يجعلون إن للنفي واللام بمعنى إلا، وهذا لا يعرف له أصل (٧).
(١) كلمة (قوم) لم ترد في (أ).
(٢) قوله: (تقديره أن مجيء الرسل) ساقط من (أ).
(٣) في (أ): (أن فعل ... ).
(٤) في (أ): (الآخرين).
(٥) انظر: «جامع البيان» للطبري ١٠/ ٣٣٦ - ٣٣٨، و «زاد المسير» ٣/ ٢٣٦.
(٦) سقط قوله: (ثم خفف) من (أ).
(٧) انظر: «الدر المصون» للسمين الحلبي ٢/ ١٥٥ - ١٥٦ و ٥/ ٤٠٠.