والرابع: إن الخفيفة، قال اللَّه تعالى: {تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} الشعراء: ٩٧.
والخامس: لا، قال اللَّه تعالى: {الم (١) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ} البقرة: ١ - ٢.
وقوله: {وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ} أي: ولو جئتَ رؤساءَ اليهود والنَّصارى بكلِّ (١) معجزةٍ طلبوها منك على تصديقِك في دَعوى رسالتِك، {مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ}؛ أي: ما صلَّوا إليها، ولم يؤمنوا بكَ، وله وجهان:
أحدهما: أنَّ جميعَهم لا يؤمنون، وهو قول الحسن. أما يجوز أن يؤمن بعضهم (٢).
وقيل: هو لقومٍ بأعيانهم، علمَ اللَّهُ تعالى ذلك منهم على وجهِ العناد.
وقوله تعالى: {وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ}؛ أي: ولست أنت يا محمَّدُ بمستقبلٍ بيتَ المقدس في صلاتِك بعدما صرفتُك عنه.
وقوله تعالى: {وَمَا بَعْضُهُمْ بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ} أي: لا يصلِّي اليهودُ إلى قبلةِ النَّصارى، ولا النَّصارى إلى قبلة اليهود، ثمَّ قولُه: {وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ} هذا الكلامُ له ثلاثةُ أوجه:
أحدها: أنَّه حسمَ أطماعَ أهلِ الكتاب في متابعة الرَّسول عليه الصَّلاة والسلام؛ إذ كانوا طَمِعوا (٣) في رجوعه إلى الصَّلاة إلى بيت المقدس.
والثاني: أنه قابلَ قولَه: {مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ} بقوله: {وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ}، وهي مِن أقسام البلاغة، يقول: ما هم بتاركي إنكارِ الحقِّ، وما أنت بتاركٍ الاعترافَ به.
(١) بعدها في (ر): "آية".
(٢) كذا في النسخ. ولعل صواب العبارة: وهي جواب من يقول: أما يجوز أن يؤمن بعضهم؛ وانظر "التفسير البسيط" للواحدي (٣/ ٣٩٤).
(٣) في (ر): "يطمعون".