و {وَآتَى} هو للجمع، وتقديرُه: ولكنَّ أهلَ البرِّ المؤمنون باللَّه وبكذا، والمؤتون المال، والموفون بعهدِهم. وتفسيرُ العهد قد مرَّ مرَّات.
وقوله تعالى: {وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ}؛ أي: في الفقرِ والمرض، وهذا التفسيرُ عن ابنِ مسعودٍ رضي اللَّه عنه (١).
والبأساءُ في أصل اللُّغة: نقيضُ النَّعماء، والبُؤسى: نقيض النُّعمى، والبؤسُ نقيض النُّعْمِ (٢)، وبِئسَ نقيض نِعم (٣)، والبائسُ نقيض النَّاعم، فكانت عبارةً عن عدمِ النِّعمةِ، فدلَّت على الفقرِ والفاقةِ.
والضَّرَّاء: فَعلاءُ من الضَّرر (٤)؛ فدلَّت على أنَّها عامَّةٌ في أسباب الضرر كلها.
ويُقال: أنا شريكُك في السَّرَّاء والضَّرَّاء؛ أي: فيما يَسرُّ، وفيما يضرُّ، وتقديره: في المَحابِّ والمكارهِ كلِّها.
وقوله تعالى: {وَحِينَ الْبَأْسِ}؛ أي: في حالة (٥) القتال، قال اللَّه تعالى: {وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا} الأحزاب: ١٨، وقال تعالى: {أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ} الإسراء: ٥؛ أي: الذين يَبذُلون أنفسَهم في نُصرة الدِّين، فلا يولون الأدبارَ منهزمين.
ونزلَت الآية في حرب الأحزاب، وكانوا في غاية القحطِ والشِّدَّة والبرد
(١) رواه الطبري في "تفسيره" (٣/ ٨٦)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (١/ ٢٩١) (١٥٦٥)، والحاكم في "المستدرك" (٣٠٧٩).
(٢) في (ف): "والبؤسا نقيض النعما" بدل: "والبؤس نقيض النعم".
(٣) بعدها في (ف): "والبئيس نقيض نعم".
(٤) في (ر) و (ف): "الضر".
(٥) في (أ): "حال".