الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ}.
وقوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} ثمَّ أزال عنهم ما به كان يَقعُ الزَّللُ منهم، فقال: حُلِّلَ لكم ما كان حرامًا عليكم.
وقوله: {لَيْلَةَ الصِّيَامِ} (١) نصب على الظَّرف؛ أي: في ليلة الصِّيام، وهي الليلةُ التي يُصبِحُ الرَّجلُ في غداتِها صائمًا.
وقوله تعالى: {الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} أي: الإفضاءُ إليهنَّ لقضاءِ بحاجاتهم (٢) منهنَّ؛ مِن الجماع وغيره.
والرَّفثُ في أصل اللُّغة: هو قولُ الفُحش، وقد رَفَث من باب: دخل، وأَرْفَثَ يُرْفِثُ؛ أي: جاء بالرَّفث، ثمَّ جُعِل ذلك اسمًا لما يُتكلَّمُ به عند النِّساء مِن معاني الإفضاءِ إليهنَّ، ثمَّ جُعِلَ كنايةً عن الجِماع وعن كلِّ ما يَتبعُهُ.
وقوله تعالى: {هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ} قال ابنُ عبَّاسٍ رضي اللَّه عنهما؛ أي: هنَّ سكنٌ لكم، وأنتم سكنٌ لهنَّ (٣)، وهذا كقول اللَّه تعالى: {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا} النبأ: ١٠، وقولِه تعالى: {وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا}.
وقيل: معناه: هنَّ سِتْرٌ لكم، وأنتم سِتْرٌ لهن؛ أي: عن الحرامِ في الدُّنيا، والنَّار في الآخرة إذا تعفَّفا بذلك.
(١) بعدها في (أ): "الرفث".
(٢) في (أ): "بحاجاتكم"، وفي (ر): "لقضاء حاجاتهم" بدل: "بحاجاتهم".
(٣) رواه الطبري في "تفسيره" (٣/ ٢٣٣)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (١/ ٣١٦) (١٦٧٥)، والحاكم في "المستدرك" (٣٠٨٧).