وقوله تعالى: {وَعَفَا عَنْكُمْ} أي: محا أثرَ ذلك عنكم بالتَّجاوزِ.
وقيل: ليس (١) هذا بإثباتِ الخيانة منهم على التَّحقيق، وقَبول توبتِهم، وعفوِ ذلك عنهم بعد الوقوع، لكنَّ معناه أنَّ اللَّه تعالى كان عَلِمَ أنَّه يَقعُ ذلك منكم لو بقيَ الحكمُ كذلك، فتابَ عليكم؛ أي: فرجع عليكم برحمته، والتَّوبةُ: هي الرجوع؛ لغةً، فأزالَ ذلك عنكم.
وقوله تعالى: {وَعَفَا عَنْكُمْ} أي: أسقطَ عنكم ذلك، وهو كقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "عفوت لكم عن صدقة الخيل والرقيق" (٢)، وليس ذلك تجاوزًا عن ذنب، وقال تعالى في التوبة: {عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ} المزمل: ٢٠، وكان ذلك إسقاطًا من غير تقدُّم (٣) ذنب.
وقوله تعالى: {فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ} "آن" أصلُه: فَعَل، بمعنى كان، ثمَّ جُعِل اسمًا للزَّمان الحاضر، وعُرِّفَ بالألف واللام، وبقيَ (٤) على الفتحة.
وقوله {بَاشِرُوهُنَّ} أي: جامعوهنَّ، وأصلُ المباشرةِ: إلزاقُ البَشَرةِ بالبشَرة، ثمَّ يسمَّى الجماعُ مباشرةً على الكناية، وجميعُ ما يَتبعُه يَدخلُ فيه.
وقوله تعالى: {وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ} أي: واطلبوا، يقال: بَغى بُغاء؛ بضم الباءِ والمدِّ (٥)؛ أي: طلب، وابتغى ابتغاءً كذلك، والبغيةُ (٦): الطَّلِبةُ.
(١) لفظ: "ليس" من (أ).
(٢) رواه أبو داود (١٥٧٤)، والترمذي (٦٢٠)، والنسائي في "الكبرى" (٢٢٦٨)، وابن ماجه (١٧٩٠)، (١٨١٣) من حديث علي رضي اللَّه عنه.
(٣) في (ر): "عن غير تقدم"، وفي (ف): "عن تقدم".
(٤) في (ر): "وبني".
(٥) في (أ): "وبالمد".
(٦) بضم الباء وكسرها. انظر: "الصحاح": (بغى).