وكان قلوبُ رُفقائِهم تَشتغلُ بذلك، فأمرَهم اللَّهُ تعالى بالتزوُّد، وأخبرَ أنَّه مِن التَّقوى؛ فإنَّه ائتمارٌ بأمرِ اللَّه تعالى، وتخفيفٌ عن عبادِ اللَّه تعالى، وخيرُ الزَّادِ التَّقوى.
وقال مقاتلٌ رحمه اللَّه: كان ناسٌ من أهلِ اليَمن وغيرِهم يَحجُّونَ بغير زادٍ، ويُصيبون مِن أهل الطَّريق ظُلمًا، فنزلَ قولُه تعالى: {وَتَزَوَّدُوا} أي: فتزودوا (١) مِن الطعام؛ كيلا تَظلِموا مَن تمرُّون به؛ {فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى}؛ أي (٢): أن تتَّقوا اللَّهَ تعالى باتِّقائكُم ظلمَ النَّاس (٣).
{وَاتَّقُونِ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ} قد فسَّرناه.
* * *
(١٩٨) - {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ}.
وقوله تعالى: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} أي: لا إثمَ عليكم في أن تتَّجِروا في طريق الحجِّ، وكانوا يَمتنعون عن ذلك، ويقولون للتُّجَّار في هذا الطريق: هؤلاء الداجّ، وليسوا بالحاجِّ.
والداجُّ: المكتَسِبُ الملتقِطُ، مشتَقٌّ مِن الدَّجاجة، قاله القفَّال.
وقال غيره: الدَّاجُّ عندهم اسمٌ معروفٌ لِمَن يَخرجُ مع الحاجِّ تبعًا
(١) قوله: "أي فتزودوا" ليس في (أ)، و"فتزودوا" ليس في (ر).
(٢) "التقوى أي" ليس في (أ).
(٣) انظر: "تفسير مقاتل" (١/ ١٧٤).