وروى جابرٌ رضيَ اللَّه عنه أنَّ أبا عمرو بن حفص بن المغيرة طلَّقَ امرأتَه فاطمةَ بنت قيس أختَ الضَّحاكِ بنِ قيس، فذَكرَ ذلك لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال: "متِّعها"، فقال: ما أجد، قال: "متِّعها ولو بصاعٍ من تمر" (١).
وقوله تعالى: {عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ} الموسِعُ: الغنيُّ، وقد أوسعَ؛ أي: صار في السَّعة، وهي الغنى، كما يقال: أصبح وأمسى؛ أي: صار في الصَّباح والمساء.
والمُقترُ: المُقِلُّ، والتَّقتير في الإنفاقِ هو التَّقليل، وقتارُ المرَقةِ: ريحُها، وهي قليلهُ منها، والقَترَةُ: الغبار، وهو قليلٌ مِن التُّراب.
وقوله: {قَدَرُهُ} قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وعاصم في رواية أبي بكر: {قدْره} بتسكين الدَّال (٢)، والباقون بفتحِها، وهما المقدارُ؛ أي: المتعةُ على الزَّوج على قدرِ يسارِه وإعسارِه.
وقوله تعالى: {مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ} نصبَ على المصدر، فقد سبق الفعلُ: {وَمَتِّعُوهُنَّ}.
وقيل: على القطع، فقد قال: {عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ} (٣) بالرفع، وذاك معرفةٌ وهذا نكرة، فنُصِبَ على القطع من ذلك.
وقيل: بل هو مفعولٌ ثانٍ، والأوَّل: "هن" في {وَمَتِّعُوهُنَّ}.
(١) أخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد" (٤/ ١٢٢) والبيهقي في "الكبرى" (١٤٤٩٣)، واسم المطلِّق عندهما: حفص بن المغيرة. ووقع عند البيهقي: "ولو نصف صاع".
(٢) انظر: "السبعة" (ص: ١٨٤)، و"التيسير" (ص: ٨١) وقرأ بتسكين الدال أيضًا ابن عامر في رواية هشام.
(٣) "وعلى المقتر قدره" سقط من (أ) و (ف).