قال: والقبضُ لِما يَغلِبُ على القلوبِ مِن الخوف، والبَسطُ لِما يَغلبُ عليها مِن الرَّجاء، والقبضُ لقهرِهِ، والبَسطُ لبرِّه، والقبضُ لسِرِّه، والبَسطُ لكشفه (١)، والقبضُ للمريدين، والبَسطُ للمرادين، والقبضُ للمشتاقين (٢)، والبَسطُ للعارفين.
وقيل: يقبضُك عنك، ثمَّ يبسُطُك به.
وقيل: القبضُ لمن تَولَّى عن الحقِّ، والبَسطُ لمن تجلَّى له الحقُّ.
وقيل: القبضُ إذا أشهدَك فعلَك، والبَسطُ إذا أشهدَك فضلَه.
وقيل: القبضُ بذكر العذاب، والبَسطُ بذكرِ الإيجاب (٣).
واجتمعَ جماعةٌ مِن الأغنياء والفقراء، فقال غنيٌّ: إنَّ اللَّهَ رفعَ درجَتنا حيث (٤) استقرضَ منَّا، فقال فقيرٌ: بل رفعَ درجتَنا حيث استقرضَ لنا، والواحدُ قد يَستقرضُ مِن غير الحبيب، ولكن لا يستقرض إلَّا لأجل الحبيب، قُبضَ رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ودِرْعُه عند يهوديٍّ بشعيرٍ أخذَهُ لقوتِ عياله (٥)، انظر ممَّن استدان ولمن استدان.
وقوله تعالى: {وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ}؛ أي: رجوعُكم إلى جزائِه في الآخرة (٦)، فيَجزيكم على جودِكمُ الجنّةَ، وعلى بُخلِكُم النَّار، وهو وعدٌ ووعيد.
(١) في (ر) و (ف): "لشكره".
(٢) في (ف): "للمستأنفين".
(٣) في (أ): "الإيجاد" وفي (ر): "الثواب". والمثبت من (ف)، وهو الموافق لما في "لطائف الإشارات" للقشيري (١/ ١٨٩ - ١٩٠).
(٤) في (ف): "درجاتنا حتى" بدل: "درجتنا حيث" في هذا الموضع والذي يليه.
(٥) رواه البخاري في "صحيحه" (٢٩١٦) من حديث عائشة رضي اللَّه عنها.
(٦) في (أ): "القيامة".