وقال الكلبيُّ: أي: بدينِ اللَّهِ وعهدِه (١)، والحبلُ: اسمٌ للعهد، قال تعالى: {إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ} آل عمران: ١١٢.
وقال مقاتل: حبل اللَّه الإسلام (٢).
ثم قوله: {جَمِيعًا} ينقضُ قولَ مَن (٣) تكلَّف {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ} خطاب العامة، {وَاعْتَصِمُوا} خطاب الخاصَّة؛ فإنَّه قال: {جَمِيعًا} فعمَّهم جميعًا.
وقيل: هو إجماع الأمَّة؛ أي: تمسَّكوا بالإجماع، ودليلُه قولُ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ فارقَ الجماعةَ قيدَ شبرٍ فقد خلعَ رِبْقَةَ الإسلامِ مِن عنقِه" (٤)، والرِّبْقَةُ: الحبلُ.
ودليلُ ذلك أيضًا:
قولُه تعالى: {وَلَا تَفَرَّقُوا}: أي: ولا (٥) تتفرقوا، سقطَتْ إحدى التَّاءَيْن تخفيفًا، كما في قوله تعالى: {تَكَادُ تَمَيَّزُ} الملك: ٨.
قوله تعالى: {وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا}: يقول: لا تتفرقوا؛ أي: لا تختلفوا في الدِّين كما اختلف أهل الكتاب.
ونعمةُ اللَّه: إنعامُه بالإسلام؛ أي: واذكروا إنعامَه عليكم إذْ كنتم أعداءً في
(١) في (ر): "وبعهده".
(٢) رواه بهذا اللفظ الطبري في "تفسيره" (٥/ ٦٤٦) عن ابن زيد. وانظر: "تفسير مقاتل" (١/ ٢٩٣)، وفيه: {بِحَبْلِ اللَّهِ} يعني: بدين اللَّه. وذكر الثعلبي في "تفسيره" (٣/ ١٦٣) عن مقاتل في تفسير الآية قال: {بِحَبْلِ اللَّهِ}؛ أي: بأمره وطاعته.
(٣) "من": من (أ).
(٤) رواه أبو داود (٤٧٥٨) من حديث أبي ذر رضي اللَّه عنه. ورواه الترمذي (٢٨٦٣) من حديث الحارث الأشعري رضي اللَّه عنه، وقال: حديث حسن صحيح غريب.
(٥) في (أ): "فلا".