وقالت الأوسُ: أَمَا واللَّهِ لولا مجيءُ الإسلام وقدومُ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لقتلنا رؤساءَكم، واستعبدنا أولادَكم، ونكحنا نساءَكم.
وتجادلوا في ذلك حتى صاروا إلى التَّضارب بالنِّعال، ثم بالسِّلاح، فجاءَهم النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقرأ عليهم هذه الآية، فاصطلحوا وسكنوا (١).
قوله تعالى: {وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ}: أي: حرفِ (٢) وطرفِ، ومثلُه قوله تعالى: {عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ} التوبة: ١٠٩، وأَشْفَى على كذا؛ أي: أَشْرفَ عليه؛ أي: كنتم كفَّارًا لو متُّم عليه دخلتم النَّار.
قوله تعالى: {فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا}: أي: أنجاكم، يقال: أنقذه واستنقذه؛ أي: نجَّاه؛ أي (٣): هداكم للإسلام فنجَّاكم به من العذاب.
ورُوي أن ابن عبَّاسٍ رضي اللَّه عنهما قرأ يومًا هذه الآية، فسمع أعرابيٌّ ذلك، فقال: واللَّهِ ما أنقذَهم منها وهو يريد أن يقحمَهم فيها. فقال ابنُ عبَّاسٍ: ويحكم اكتبوه مِن غير فقيهٍ (٤).
وقال قتادةُ: هذا خطابٌ للعربِ، كانوا أبينَ النَّاس ضلالةً (٥)، وأشقاهم عيشًا، وأعراهم جلودًا، وأجوعهم بطونًا، مكعومين (٦) على رأس حجرٍ، بينَ أسدَيْن: فارسَ
(١) ذكر نحوه الثعلبي في "تفسيره" (٣/ ١٦٠)، والبغوي في "تفسيره" (٢/ ٧٧) عن مقاتل بن حيان. وانظر: "تفسير مقاتل بن سليمان" (١/ ٢٩٤).
(٢) في (ف): "جرف".
(٣) "نجاه أي" ليس في (أ).
(٤) رواه الدينوري في "المجالسة وجواهر العلم" (٥٠٧).
(٥) في (ر): "كانوا من أبين الناس ضلالة" وفي (ف): "كانوا أبين ضلالة".
(٦) في النسخ: "معكوفين"، والمثبت من "تفسير الطبري"، وهو الصواب، مأخوذ من: كعم البَعيرِ، وهو =