والرُّومِ، مَن عاشَ منهم عاشَ شقيًّا، ومَن ماتَ منهم رُدِّيَ في النَّار، فلمَّا جاء اللَّه بالإسلام هداهُم به مِن الضَّلالةِ، ووسَّع لهم الرِّزق، ومكَّنَ لهم في البلاد، وأظهرَهم على الأعداء، وجعلَهم ملوكًا، فيقول: اذكروا هذه النِّعَم (١).
قوله تعالى: {كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}؛ أي: القرآنَ الَّذي فيه أمرُه ونهيُه، ووعدُه ووعيدُه؛ لتهتدوا به إلى الصَّواب، وما به يُنالُ الثَّواب.
وقال الإمام أبو منصورٍ رحمه اللَّه: قوله تعالى: {فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا} ردٌّ على المعتزلة؛ لأن على قولهم هم الذين ينقذون أنفسهم لا اللَّهُ تعالى.
قال: ودلَّتِ الآية أنه يلزم خطاب الإيمان حين الفترة؛ لأنَّه قال: {وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا} آل عمران: ١٠٣ (٢).
* * *
(١٠٤) - {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}.
قوله تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ} أمرُ مغايبة (٣)، وقوله: {أُمَّةٌ}؛ أي: طائفةٌ.
{يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ} أي: الائتلاف {وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ}: وهو ما استحسَنه
= أنْ يُشَدَّ فَمُه إذا هاجَ، فهو مَكْعُومٌ، وجاء في خطبة معاوية رضي اللَّه عنه لما حضرته الوفاة: (. . . فهم بين خائف مقموع، وساكت مكعوم. .). انظر: "جمهرة خطب العرب" (٢/ ١٨٥ - ١٨٦)، و"النهاية في غريب الحديث" (مادة: كعم).
(١) رواه الطبري في "تفسيره" (٥/ ٦٥٩).
(٢) انظر: "تأويلات أهل السنة" (٢/ ٤٤٧)، ولفظه: وفي قوله: {وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ} الآية: أنه قد يلزم خطاب الإيمان حين الفترة؛ لأنَّهم في ذلك الوقت كانوا قد أنقذوا.
(٣) في (ر): "معاينة".