{كُنْتُمْ} مقام {أَنْتُمْ} لأنَّهما ضِدَّان لكلمةِ: (لستم)؛ لأنَّ ذلك للنَّفي وهذان للإثبات، فقام أحدُهما مقامَ الآخر لمشاكلتهما في مُضادَّتهما كلمةَ النَّفي.
وقيل: معناه: صرتُم خيرَ أمَّة، كما في قوله: {وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ} البقرة: ٣٤، {فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ} هود: ٤٣؛ أي (١): صرتُم بالإيمان بخير الرُّسل وبخروجه في زمانه خيرَ الأمم.
قوله تعالى: {خَيْرَ} هو كلمة تفضيلٍ، والمراد (٢) به: أنَّهم أفضل الأمم، وأكثرُهم (٣) طاعاتٍ، وأوفرُهم خيراتٍ.
وقيل: أراد به: أنفعهم، وزيادة نفعِهم بالأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر، ففيه صلاح الكلِّ وخلاصُهم.
قوله تعالى: {أُمَّةٍ}: فالأمَّةُ: كلُّ قومٍ اجتمعوا على اتِّباع نبيٍّ، أو جمعتهم دعوة نبيٍّ، وهي في القرآن لعشرة أوجهٍ:
١ - للجماعة: قال اللَّهُ تعالى: {أَسْبَاطًا أُمَمًا} الأعراف: ١٦٠.
٢ - ولاتِّباع كلِّ رسولٍ: قال تعالى: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ} يونس: ٤٧.
٣ - وللملَّة: قال تعالى: {وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً} المؤمنون: ٥٢.
٤ - ولأهل ملَّةٍ واحدةٍ: قال تعالى: {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً} البقرة: ٢١٣.
٥ - ولأمَّة محمَّدٍ على الخصوص:
المسلمين منهم؛ قال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} البقرة: ١٤٣.
(١) كلمة: "أي" من (أ)، ووقع في (ر) و (ف) بدلا منها: "وقيل: معناه".
(٢) في (أ) و (ف): "وأراد".
(٣) في (ف): "وأكثر".