وقيل: زيُّ الفقر مع الغنى (١)؛ عقوبةً لهم على قولهم: إن اللَّه فقيرٌ ونحن أغنياء.
وقال الإمام أبو منصورٍ رحمه اللَّه: جعلَ كلَّ حاجتهم إلى ما يفنى، ويَحتمِلُ خوفَ الفقر مع قيام اليسار (٢).
قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ}؛ أي: هذا الذُّلُّ والغضب والمسكنة لهم بكفرهم بأنبياء اللَّه تعالى وكتبه.
قوله تعالى: {وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ}: زكريا ويحيى وغيرَهما، وهم مِن أسلاف هؤلاء، وهؤلاء يتولَّونهم فوُبِّخوا به.
وقيل: لأنَّهم قصدوا قتلَ محمَّدٍ، وهو كقصد قتل الكلِّ.
وقيل: قتلوا أتباع محمَّدٍ، فأضافه إليهم، كما في الخداع.
قوله تعالى: {ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ}؛ أي: كان زوال إيمانهم بعصيانهم وعدوانهم، وقد شرحنا ذلك في سورة البقرة.
* * *
(١١٣) - {لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ}.
قوله تعالى: {لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ}؛ أي: أهل الكتاب (٣) ليسوا بمتساوين.
قوله تعالى: {مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ}: قال الزَّجَّاجُ: أي: طائفةٌ ذوو طريقةٍ مستقيمةٍ، و (ذوو) مُضمَر، والأمَّةُ: الطَّريقةُ؛ قال النَّابغةُ:
(١) في (ف): "وقيل هي الفقر بعد الغنى".
(٢) انظر: "تأويلات أهل السنة" (٢/ ٤٥٨).
(٣) "أي: أهل الكتاب" ليس في (ف).