رسوله، فأنا أبايعُ له"، فضَرب إحدى يديه على الأخرى، وأما يومُ بدر فإن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- خلَّفه على ابنته يمرِّضها وضَرب له بسهمه، وأما استزلالُ الشيطانِ فإن اللَّه عفا (١) عنه، قُم فقد خاب سعيُك وبطَل عملُك (٢).
وفي الآية لطفٌ من اللَّه جلَّ جلاله بعباده، حيث أضاف الزَّلَل إلى استزلالِ الشيطان وهو كتمهيدِ العذر لهم، ونظيره قولُ اللَّه عز وجل: {فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ} البقرة: ٣٦ {فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ} يوسف: ٤٢ {هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ} القصص: ١٥ {أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ} يوسف: ١٠٠ {إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ} الإسراء: ٥٣، {وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ} الكهف: ٦٣.
* * *
(١٥٦) - {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}.
قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا}: وهم المنافقون الذين ظنُّوا من جهلهم أن من لم يتعرض للموت والقتل بالخروج إلى الغزو لم يمت.
وقوله تعالى: {وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ}: أي: لأشباههم من المنافقين.
وقيل: أي: لإخوانهم في النسب -لا في الدين- من المؤمنين الذين تولوا.
(١) في (أ): "فقد عفا اللَّه" بدل: "فإن اللَّه عفا".
(٢) رواه عن حبيب بن أبي مليكة أبو داود (٢٧٢٦)، والحاكم في "المستدرك" (٤٥٣٨)، ومتنه عند أبي داود مختصر، ورواه بنحوه من طريق آخر البخاري (٣٦٩٨) والمرفوع فيه بلفظ: "هذه يدُ عثمانَ". فضَربَ بها على يده، فقال: "هذه لعثمانَ". وليس عندهم عبارة: "قُم فقد خاب سعيُك وبطَل عملُك".