(١٨٢) - {ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ}.
وقوله تعالى: {ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ}: أي: ذلك العذابُ لكم بما قدمتُم من الكفر والمعاصي، والإضافة إلى اليد لِمَا أن عامة ما يكتسبه الإنسان يكون بيده، ولأنه يُذكر للتحقيق على معنى: أنه فَعَل بنفسه لا غيرُه بأمره، قال تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا} يس: ٧١.
وقوله تعالى: {وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ}: أي: وبأن اللَّه لا يظلم عباده، فلا يعاقبُهم من غير جُرمٍ.
* * *
(١٨٣) - {الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ قُلْ قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}.
قوله تعالى: {الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ}: {الَّذِينَ} يرجع إلى قوله: {لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا}.
قال الكلبيُّ: نزلت الآية في كعب بن الأشرف وغيرِه من رؤساء اليهود، أتوا رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقالوا: إن اللَّه قد (١) عهد إلينا -أي: أمَرنا وأخذ الميثاق علينا- في التوراة أن لا نصدِّق أحدًا حتى يأتيَنا بقربانٍ تأكله النار؛ أي: يقرِّبَ قربانًا فتنزلَ من السماء نارٌ فتأكلَه، فإن جئتنا بهذا (٢) صدَّقناك، فنزلت الآية (٣).
(١) "قد" من (أ).
(٢) في (ر): "به".
(٣) انظر: "تفسير الثعلبي" (٣/ ٢٢٣)، و"أسباب النزول" للواحدي (ص: ١٣٤)، و"تفسير البغوي" (٢/ ١٤٤).