وقيل: هي في المنافقين، كانوا يتخلَّفون عن القتال مع المؤمنين، وكانوا يحبون أن يُقبل عذرُهم (١)، وأن يُحمدوا على ما لم يكونوا عليه من الإيمان (٢).
وقوله تعالى: {فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ}: أعاد هذه الكلمة لطول الكلام إعلامًا أن آخره متَّصل بأوله {بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ}؛ أي: بمنجاةٍ منه {وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}: أي: مؤلم في الآخرة.
* * *
(١٨٩) - {وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}.
قوله تعالى: {وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}: أي: فهو الغنيُّ في الحقيقة وليس بفقير كما قالت اليهود، ولأنه ذَكر جزاء أعمال الفريقين، وبيَّن أن الجازيَ مَن هذا صفته، ولأنه قال: {فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ}؛ أي: لا يفوتونه فله ملكُ السماوات والأرض.
وقوله تعالى: {وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}: تقريرٌ للمعاني الثلاثة، ولو قال: وهو على كل شيء قدير، استقام، فقد مر ذكر اللَّه تعالى مرةً، لكن هذا أبلغُ ليكون كلُّ كلام مستقلًّا بنفسه.
* * *
(١٩٠) - {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ}.
وقوله تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ}: هو بيان ملكه وقدرته اللَّذَين ذكرهما في الآية الأولى، وقد مر تفسير هذه الآية في سورة البقرة على الاستيفاء والاستقصاء.
(١) في (ف): "يقتل عدوهم".
(٢) رواه البخاري (٤٥٦٧) من حديث أبي سعيد الخدري رضي اللَّه عنه.