قوله تعالى: {وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ}: هذا تحريم الأختِ من الرَّضاعة؛ لأبٍ وأمٍّ كانت، أو لأبٍ، أو لأمٍّ، عند عامَّة العلماء.
ويحرم أيضًا بالرَّضاع ما يحرم بالنَّسب (١)، فتحرم البنتُ من الرَّضاع، وبنت الأخ من الرَّضاع، وبنت الأخت من الرَّضاع، والعمَّة من الرَّضاع، والخالة من الرَّضاع، عند عامَّة العلماء.
وقال الإمامُ أبو منصورٍ: قال بشرٌ: لا تحرُم البنت من الرَّضاعة؛ لأنَّها لم تُذكر في الآية، ولا تكون بنته برضاعٍ، وهي مسألة لبن الفحل أنَّه لا يحرِّم عندَه.
قال: وذكر اللَّه التَّحريم في المحرَّمات بنسبٍ، وبيَّن بيانَ إحاطةٍ، وذكر المحرَّمات برضاعٍ، وبيَّن بيان كفايةٍ، لا بيانَ إحاطةٍ.
فإمَّا أنَّ تَرْكَ ذلك للاجتهاد والاستنباط من المذكور، وقد أجمعوا أن بنات الإخوة والأخوات من الرَّضاع محرَّمات وإن لم يذكرْنَ فيها، وكان ذكر الحرمة في الأخوات من الرَّضاع كالذِّكر في أولادهنَّ، فكذا يكون ذكر الحرمة في الأمَّهات من الرَّضاع ذِكرًا في بناتهنَّ، أو تُركَ بيان ذلك للسُّنَّة:
وقد قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يحرمُ مِن الرَّضاعِ ما يحرمُ من النَّسبِ" (٢).
وقال لعائشةَ رضي اللَّه عنها حين استأذنَ عليها أَفلح بن أبي قعيس بعد نزول آية الحجاب: "ليَلِجْ عليكِ فإنَّه عمُّكِ"، وكان عمَّها من الرَّضاع (٣).
(١) في (أ): "من النسب".
(٢) رواه البخاري (٦١٥٦)، ومسلم (١٤٤٥) من حديث عائشة رضي اللَّه عنها، ورواه البخاري (٢٦٤٥)، ومسلم (١٤٤٧) من حديث ابن عباس رضي اللَّه عنهما.
(٣) رواه البخاري (٥٢٣٩)، ومسلم (١٤٤٥)، من حديث عائشة رضي اللَّه عنها.