قوله تعالى: {وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}: أي: أعطوهنَّ مهورهنَّ على وفقِ الشَّرع، ولهنَّ قبضُ ذلك بإذن مواليهِنَّ، وقد ذكر الإذنَ في الأوَّلِ، فكان ذكرًا في الثَّاني؛ لأنَّ الحادثة واحدة، كما في قوله: {وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ}، أي: اللَّهَ كثيرًا، {وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ} الأحزاب: ٣٥؛ أي: فروجهُنَّ.
أو معناه: فالتزموا لهنَّ ذلك، كما في قوله تعالى: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ} التوبة: ٢٩.
قوله تعالى: {مُحْصَنَاتٍ}: أي: عفائفَ، نصب على الحال من قوله: {فَانْكِحُوهُنَّ}.
قوله تعالى: {غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ}: أي: زانياتٍ {وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ}: الخدَنُ: الصَّديقُ، والخدين كذلك، وذلك كالخلِّ والخليلِ، والمخادنةُ: المصادقةُ، ويقع الاسم على الذَّكر والأنثى، قال تعالى: {وَلَا مُتَّخِذَي أَخْدَانٍ} المائدة: ٥؛ أي: خدينات.
وكان زناهنَّ في الجاهليَّة من وجهَيْن:
السِّفاحُ: وهو بالأجر لكلِّ مَن (١) يرغبُ فيها.
والمخادَنةُ: وهي مع صديقٍ لها على الخصوص.
وكان الأوَّل يقع إعلانًا، والثَّاني سرًّا، وقيل: كانا يُعلنان جميعًا.
فأمرَه (٢) اللَّهُ أن يتزوَّج أمةً عفيفةً لإقامة مصالح الدِّين، لا زانيةً مكتسِبةً بزناها، ولا متَّخذةً خليلًا على الفجور صافاها.
قوله تعالى: {فَإِذَا أُحْصِنَّ}: قيل: أي: أسلمْنَ، وقيل: أي: نكحْنَ.
(١) في (ف): "بكل ما".
(٢) في (أ): "فأمر".