وقال ابنُ الأنباري: الحمدُ مقلوبُ المدح (١).
وقيل: الحمدُ: الثناءُ بالجميل والاعترافُ للمُنعِم.
وقيل: الحمدُ معرفةُ الإحسانِ ونشرُه.
والكلامُ الجامعُ فيه: أنَّ الحمدَ يُذكَر لمعانٍ أربعةٍ:
أحدها: الثناءُ بالأفعالِ الحسنةِ، يقال: حَمدتُه على فعلِ كذا، فمعنى {الْحَمْدُ لِلَّهِ} على هذا؛ أي: الثناءُ عليه في كلِّ ما فعلَ؛ أماتَ أو أحيى، أَفقر أو أَغنى، أَعزَّ أو أَذلَّ، أَكثَرَ أو أقلَّ، أَبلى أو ابتلى، أَبهج أو أَشجنَ (٢)، وكذا غيرُه (٣)، فإنَّ جميعَ ما يفعله عدلٌ وحكمةٌ وعاقبتُه حميدةٌ.
والثاني: الحمدُ بمعنى الشكر، يقال: حَمدتُه على إنعامِه، فمعنى {الْحَمْدُ لِلَّهِ} على هذا؛ أي: الشكرُ للَّهِ على نِعَمه التي لا تُحصى ومِنَنه التي لا تُنسى، فقد قال تعالى: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا} النحل: ١٨، فكلُّ النِّعَم منه، فقد قال: {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ} النحل: ٥٣.
والثالث: الحمدُ بمعنى الرضى، يقال: حمدتُ سيرةَ فلانٍ ومذهبَه، فمعنى الحمدِ على هذا؛ أي: رضيتُ بحُكمه وقضيَّتِه وتقديرِه وقسمتِه، فلا اعتراضَ على فِعْله، ولا إعراضَ عن حُكمه، وكيف (٤) وقد قال: "مَن لم يرضَ بقضائي،
(١) انظر: "تفسير الثعلبي" (١/ ١٠٨).
(٢) في (ر): "أو أشجى". والشجن والشجى: الحزن.
(٣) في (ر) و (ف): "وكذا يجب"، والمثبت من (أ) ولعل معناه: وكذا غير ما ذكر.
(٤) "وكيف": سقط من (أ)، وفي (ف): "كيف".