والثاني: في ألَّا تعدلوا؛ أي: لا تَتَّبعوا الهوى في تركِ العدل، و"لا" مضمرةٌ، كما في قوله تعالى: {يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا} النساء: ١٧٦؛ أي: لئلَّا تَضِلُّوا (١).
والثالث: في أنْ تَعدِلوا عن الحقِّ؛ أي (٢): تَميلوا عنه.
قوله تعالى: {وَإِنْ تَلْوُوا}؛ أي: تُحرِّفوا الشَّهادةَ، فتَشهدوا على وجهٍ لا يَصِحُّ وتتعطَّل.
وقوله تعالى: {أَوْ تُعْرِضُوا}؛ أي: تتولَّوا عن أدائِها.
وقوله تعالى: {فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا}؛ أي: مِن تحريفِ الشَّهادةِ وكتمانِها وأدائها على وجهِها، وهو (٣) وعدٌ ووعيدٌ بالجزاءِ على وفق العمل.
وقرأ حمزةُ وابنُ عامر: {وإن تَلُوا} بواوٍ واحدةٍ (٤)، من الوِلايةِ، وهو خطابٌ للقُضاة؛ أي: إنْ (٥) وليتُم القضاءَ فعدلتُم (٦) أو أعرضتُم عن العدلِ وملتُم.
وقيل: هو من قولك: وليتُ الشيءَ بنفسي؛ أي: باشرتُه؛ أي: إنْ فَعلتُم شيئًا مِن ذلك، أو تركتم؛ فلا يَخفى على اللَّه قَصدُكم في ذلك.
وقال السُّدِّيُّ: اختصمَ إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- غنيٌّ وفقير، فكان ضِلعُهُ (٧) مع
(١) "أي: لئلا تضلوا" ليس من (ف).
(٢) في (أ): "أي". و في (ف): "أو".
(٣) بعدها في (ر): "من".
(٤) انظر: "السبعة" (ص: ٢٣٩)، و"التيسير" (ص: ٩٧).
(٥) بعدها في (ف): "كنتم".
(٦) بعدها في (أ): "أي".
(٧) وقع في هامش (أ) ما نصه: "الضلع: الميل".