الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (٢) غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ} غافر: ٢ (١).
* * *
(٩٤) - {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ}.
وقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ} لمَّا قال: {لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا} فقد أمرَهُم أنْ يَقتصِروا فيما يأكلونَه، أو لا يأكلونَهُ (٢) على ما حَرَّمَ اللَّه تعالى وأحلَّ، ثمَّ بيَّن أنَّ مِن المحرَّماتِ: الخمرُ، والميسِرُ، وصيدُ البرِّ على المحرِم.
وقوله تعالى: {لَيَبْلُوَنَّكُمُ}؛ أي: بالنَّهيِ عن الاصطياد، والبلوى والابتلاء: الاختبارُ، وهو مِن اللَّه تعالى لإظهار ما علمَ مِن العبدِ على ما علم، لا ليَعلمَ ما لم يَعلم، تعالى اللَّه عن ذلك علوًّا كبيرًا.
وقوله تعالى: {بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ} وهو للتبعيض فإنَّ المُحَرَّم هو صيْدُ البرِّ دون صيْدِ البحر، وصيْدُ الإحرامِ دون الإحلال، وصيْدُ الحرمِ دونَ الحِلِّ.
وقال الزَّجَّاج: ويجوزُ أن يكون للتَّجنيس، كما في قوله تعالى: {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ} الحج: ٣٠ (٣).
وقوله تعالى: {تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ}؛ أي: تُصِيبُه.
وقال الكلبيُّ وغيرُه: {تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ} البيضُ والفِراخُ وصغارُ الطَّير بغير سلاح،
(١) رواه عبد الرزاق في "المصنف" (١٧٠٧٨).
(٢) في (ف): "بكونه" بدل: "يأكلونه".
(٣) انظر: "معاني القرآن" للزجاج (٢/ ٢٠٦).